السبت، 2 أكتوبر 2010

بعد أن تخطى منتصف السرداب

طال النهار ... وضوء الشمس يزيغ البصر ... يجعلك ترى ولكنك لا ترى إلا ما ظهر لك و ما تراه يحجب عن بصرك الحقيقه.


أدلف الليل وبدأ السكون يخيم والعتمة شديده فبدأ العقل المتلهف يفكر يحاول أن يبحث عن راحته ومن ثم سعادته ولكن هيهات هيهات فالمحدودية صفته


تلألأت النجوم وتعاقبت الليالي والعقل ينشط حينما يريحه الجسد من كثرة مطالبه وحينما يشبع الجسد ويمل فأنه يفسح المجال لما هو أهم

كان يسهر كل ليلة ويحاول أن يتلمس طريقه بينما هو يجلس مكانه متأملا... تكررت المحاولات ربما لألاف المرات ولكن كانت النتيجه واحده.... لم يصل لشيئ!


بعد أن تخطى منتصف السرداب



جلس ذات مرة وقال في نفسه.... لماذا دائما أسير في نفس الإتجاه؟ لماذا أحاول أن أسير عكس التيار دائما؟ ماذا لو كسرت تلك القاعده؟ وصمم ليلتها على تنفيذ التجربه.... ترك نفسه تماما للتيار وأستسلم تماما ...مرة فمرة .... بدأ التيار يداعبه في لطف وبعد فتره أخذ يجذبه ويحركه كأنه أكتشف فجأه بأنه أصبح حر....


في البداية تخيل أن التيار صادقه وأخذ به بعيدا بعيدا في رحلة عجيبة .... كان سعيدا جدا فهذه التجربه جديده عليه تماما وهي أحلى من أن توصف ولا يمكن مقارنة سعادته في هذه اللحظه بسعادته أيام إشباع الجسد ... لكنه أكتشف بعد فترة بأن التيار لا يأخذه بعيد ا وإنما قريبا وقريبا جدا ...ذهل عندما أكتشف أنه لا يطفو بل يغوص!!!


يغوص ثم يغيب ... كانوا يقولون أنه نام ثم أستيقظ ... كان يتعجب منهم ولكنه يتذكر أيام أن كان منهم ... ود أن يقول لهم أنه كان مستيقظا ثم نام ... حاولوا أن يحصلوا منه على معلومات أو دلائل أو حتى يفهموا ما به فقد ظنوا أنه مريض .... لا يأكل منذ شهور ... تغيرت أحوال جسده فبدا لهم وكأن ما به أعراض المرض ... حاولوا أن يعطوه دواء وللأسف خارت قواه فلا يستطيع أن يمنعهم .... في كل مرة يعطونه مقويا يؤدي به إلى نتيجه عكسية فالطعام يجعله يطفو ( أو يهبط في عالمهم) بينما المقوي يضعفه..... أراد أن يهرب منهم فسيفسدوا عليه سعادته بجهلهم !!!!


أتفق مع التيار على أنه لافائدة منهم وما عاد ينبغى أن يظل معهم فلن يفهموه وقد حاول منعهم قبل ذلك مرات بلا جدوى .... أعد ا سردابا طويلا مظلما يؤدي في أخره إلى الطريق .... سار في الليل كالعادة حاملا شعلته .... كان مصمما طول رحلة الذهاب على عدم العودة حتى وصل إلى نقطه في منتصف السرداب وجد فيها نفسه كأنه قد عاد ليعوم عكس التيار مرة أخرى أو أن التيار قد غير إتجاهه....


قاوم وقاوم بإستماته وكأنه يعاند نفسه.... تمكن بعد جهد جهيد من الوصول إلى أخر السرداب وبعد أن وصل ظل واقفا وقد تسمرت قدماه من هول المفاجأه .... وقال أهذا حقا هو ما رغبت فيه؟ إن سعادتي لم تكن في رغبتي.....


كانت بحق مفاجئه ما رأه هناك ...لكنه للأسف قرر أن لا يذكر عنها شيئ.... فهي بحق مفاجئه ويجب أن تظل مفاجئه.... وعلم ساعتها لماذا كان التيار يحاول إرجاعه بعد أن تخطى منتصف السرداب .... قرر أن يعود لمثل ما كان فقد كان سعيدا وكان هذا أخر قرار يأخذه فقد تعلم أنه يجب أن لا يختار ولا يقرر ... إنما يستسلم للتيار ولا يقاومه فسيحصل على السعاده التي كان يريدها وربما أكثر بينما هذا العقل المحدود لا يدري إين مصلحته!!! ويجب أن يترك من لا يدري ويعلم أنه لا يدري زمام الأمور وإلا فأنه سيسير إلى هلاكه....


ذكر فقط معلومه واحده تحت إلحاح شديد: أخبره أحد ما ممن كانوا هناك بأنه محظوظ لأنه لازالت أمامه فرصة العودة فلم يكن قد خرج من الطريق بعد بينما لو كان تخطى الحاجز كانت إستحالة العودة لأنه كانت ستسحب منه الإرادة.


علم أن السعادة الحقيقية ليست في تنفيذ كل ما يريد ولكن في أن يكون عنده إراده ويختار بها طواعية ألا يختار .....


علم أيضا بأن بقائه معهم رغم جهلهم أفضل لهم وله فهو يرشدهم أحيانا وهم يسعدونه بجهلهم لأنه يحس معهم بأنه متفوق عليهم وكان بإمكانه أن يتركهم .... لكنه قرر أن يكون معهم....


ترك السرداب أمامه دائما ليتعظ به .... ربما قلة فقط هم من يستطيعوا أن يتعظوا منه .... يراه الكثيرون كل يوم لكن لا يعرفون عنه شيئا ولا كيفية الدخول فيه ولا لأي طريق يؤدي

كالعادة فهم لا يبصرون وإنما يرون في الضوء فقط

ليست هناك تعليقات: