الأربعاء، 13 أكتوبر 2010

العقل وحده لا يكفي

مقدمة:


كيف يعمل العقل؟


حينما تحاول أن تقنع أخاك الأصغر بقضية ما كضرورة أن يستذكر دروسه بجد حتى يتفوق ويجد له بعد ذلك مستقبلا باهرا فتكون حياته أكثر سعاده وأن لا يضيع وقته الأن باللعب والإستهتار فستجد عقله وقلبه مغلقا عن فهم وإستيعاب ما تقول وعليك ساعتها أن تجد طريقة ما لتحببه في المذاكرة وإلا فلن يجدي الحوار العقلاني فقط نفعا..... السبب الرئيسي في هذا هو محدودية العقل البشري فيجب أن نعلم أن العقل يعمل بنظام محدد ولا يستطيع أن يستوعب أكثر من سقف معين وهذا السقف يرتفع بناء على تراكمية المعارف والخبرات الحياتية المكتسبه فالطفل الصغير لا نستطيع أن نكلفه بحل مسائل رياضية معقدة في التفاضل والتكامل مثلا ولكن يجب أن يدرس قبلها الأساسيات كجدول الضرب ثم الرياضيات البسيطه كالجبر والهندسه ثم ينتقل للرياضيات الأكثر تعقيدا كالهندسة الفراغية والهندسه التحليلية كل هذا قبل أن يستطيع أن يحل أبسط مسألة في التفاضل والتكامل أو أن تشرحها له أو أن تطلب منه أن يفكر فيها ويحاول أن يهتدي للحل بمفرده. الكارثة الكبرى هي أن العقل تلعب به الأهواء فكثير من القضايا العقلية تنهي بالفشل لأن آحد الطرفين (أو كلاهما) يسيطر عليه هوى في نفسه أغلق عليه عقله وقلبه.


العقل يجب أن يستوعب المرحلة السابقة لتكون أساسا ليبني عليه المرحلة الجديدة وهكذا ... القاضي مثلا لكي يستطيع أن يحل المشاكل المعقدة بين المتنازعين يجب أن يبدأ حياته بالجلوس إلى جوار أحد القضاة المحنكين ويتعلم كيف يفهم المنازعات ويمرن عقله على إستيعاب وجهات نظر الطرفين المختلفه ويتعلم كيف يجرد هواه وميوله الشخصية من القضية وبناء عليه تتراكم الخبرات المعرفية المكتسبة لديه فيستطيع بعد مدة زمنية معينة أن يمارس القضاء الإبتدائي ثم العالي وهكذا ....بل أن الأمر في القضاء يحتاج أحيانا لما هو أكثر من إمكانيات العقل كالموهبة الفطرية (الحكمة) والإلهام والوحي أو التوفيق الإلهي"وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ" الأنبياء 78


العقل كثيرا ما يضل


يحدثنا التاريخ عن الكثير من الفلاسفه على مر الأزمان والعصور .. أرسطو ... أفلاطون ... ديكارت... وبرغم المناهج والنماذج العقلية المتميزه حقا التي وضعوها في تسلسل ونمط منطقي مرتب لتقودهم للمعرفه وإدراك الحقيقة لكن بكل أسف لم يستطيعوا أن يهتدوا بعقولهم المجردة لوجود الله أو من هو (أغلبهم ملاحدة أو يعبدون إلها لا يعرفونه) أنظر مثلا لما حدث مع سيدنا إبراهيم في رحلة بحثه عن الخالق حينما كان يحاول أن يستخدم عقله فقط في البداية ؟ ولولا أن هداه الله ما كان ليصل لشيء بمفرده "وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ * فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي *فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي * فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ * فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ *إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ" الأنعام 75


أورد الخالق عز وجل هذه القصة ليدلنا على أن عقل البشر لا يهتدي لأبعد مما خلق له وهو ممارسة الحياة اليومية الإعتيادية من طعام وحركة وأعمال بسيطه وحرف تقليدية أما أن يستنبط شيئا جديدا لم يخبره من قبل فهذا لا يتم سوى بوحي منزل من لدن حكيم عليم.


مبحث:


قواعد التعامل بالعقل


من علم قضية ما أصبح عالما فيها و نستطيع تقسيم إي حوار عقلاني واعي إلى الأقسام التالية:

ا- حوار بين شخصين كلاهما متفق على نفس القضية ... وهذا مضيعة للوقت فماذا يمكن أن نقوله زائدا إذا إتفقنا على إن حاصل ضرب 2 * 2 = 4؟


ب- حوار بين شخصين مختلفين على قضية ما فأحدهما يقول أنا حاصل الضرب =4 والأخر يقول أنه 5 أو 6 مثلا... والأفضل للعالم أن يحاول أن يجد للمتعلم مرجعية يعتمد عليها ليحاول أن يقنعه بالمنطق فإذا وجد أنه لا يزال مصمما بعد أن تبين له الحق أعرض عنه فأنه جاهل وإلا كان حواره معه جدال وكفانا الله شر هذا النوع فهو منبع المشاكل.


ج- حوار بين عالم ومتعلم يقول فيه العالم أن حاصل الضرب = 4 فيقتنع المتعلم بسهولة وهذا له أدابه بين المعلم والمتعلم:


1- خاطب الناس على قدر عقولهم ولا تتوقع أن يفهم طلاب المرحلة الإعدادية دروسا متقدمة في الطاقة الذرية.


2- ليس معنى أنك تعلم جزءا معينا في علم معين أنك أفضل من شخص لا يعلمه فربما هو يعلم أشياء أخرى لاتدري أنت عنها شيئا.


3-إحترم الضعف في عقول من هم أقل ذكاء منك فهناك بلا شك من هم أكثر ذكاء منك


4-الشخص الذي لا يعلم شيئا ما يحتاجك لأن تشرحه له ووسيلة التخاطب (الشائعة) بين البشر تتم عن طريق العقل والأسهل أن ينزل من مستوى ذكائه أعلى لمن مستوى ذكائه أقل فإن هذا لا يتطلب مجهودا كبيرا. ولكن هذه موهبة لا تتسنى لكثير من البشر.


5- لا نفع للحوار بين شخصين الفارق العقلي بينهم كبيرا جدا فلن يفهما بعضهما فبروفيسير الجامعه ليس أفضل شخص يعلم الأبناء حروف الهجاء وجدول الضرب.


6- هناك فرق بين العقل الذي نستخدمه للخطاب والتفكير والقلب الذي نستلهم به الأشياء التي لا تفهم بالعقل عادة فلا تحاول أن تقنع أحدا بالعقل بما يتطلب أكثر من العقل للإقناع به.


7- العالم شخص إستقطع الكثير من وقته في البحث عن العلم والتنقيب عنه والبحث والدراسة ثم يحاول أن يلخص لك ما يقوله في قليل من الوقت لأنه بحاجة لكل ثانية ليستكمل أبحاثه فلا تضيع وقته فيما لا يفيد ولتكن أسئلتك سريعه ومباشرة.


8-المعلم يبذل مجهود كبير لينزل بمستوى عقله لمستوى عقل المتعلم ربما ليحاول أن يجد مثالا يضربه له فيتضح المعنى أو يحاول أن يبسط لغته لك فتفهمها ويأخذ وقتا حتى ينتقي ألفاظه فكن صبورا عليه ولا تثقل عليه أيها المتعلم بما لا يطيق وعلى المتعلم أن يوقر المعلم ويسأله بأدب جم وتذكر "لا تسألنّ بنيّ آدم حاجةً...وسل الذي أبوابه لا تحجبُ الله يغضب إن تركت سؤاله..وبنيُّ آدامَ حين يسألُ يغضبُ" فعلى الأقل لا تكن لحوحا كثير السؤال


9-يضيع العلم بين الحياء والكبر فلا تستحي أن تسأل عن شيئ لا تعلمه كما لا تتكبر على ذلك فأعلم العلماء هناك الكثير من الصغائر التي لايزال لا يعلمها.


10- كلما إزداد الأنسان علما كلما إزداد شغفا ونهما للعلم أكثر وأصبح الوقت ثمينا عنده أكثر فلا يجد الكثير منه ليعطيه للناس بالإضافة إلى تعقد مفرداته فستجد صعوبة في فهم لغته وهذا يفسر إنصراف العارفين عن الناس فقد وجدوا صعوبة في التواصل معهم. لذلك لا تذهب إلى عالم مفكرا كبيرا ثم تسأله سؤالا "كم يساوي حاصل ضرب 2 * 2= ولماذا؟" !!! وعليك أن تتقن فن ماذا تسأل ومن تسأل.


مدخل:


ماذا يمكن أن يكون هناك غير العقل؟


الروح غيب ولا نعلم عنها شيئا وما ذكر فيها إجتهادات "فهي من أمر ربي" ولكن السؤال هنا إين موضعها تحديدا في جسم الإنسان؟ ليست طبعا في الجوارح أو الأطراف فيمكن للإنسان الحياة بدون أطراف أو أعضاء كثيرة قي الجسم داخل البطن والعين والأذن وهكذا..... في العقل؟ أشك في هذا.. الشخص المجنون أو المغيب لا عقل له ولكن يظل جسده يعمل بصورة طبيعية منتظمه يسير ويتحرك ويأكل ويشرب ... الحياة موجوده فيه برغم غياب عقله.... الشخص النائم تنام أعضائه كلها حتى عقله مغلق مؤقتا كل شيئ مفصول عنده مؤقتا ليرتاح ما عدا عضو واحد يظل يعمل بكفائه ولا يجب أن يتعطل لحظة واحده من ساعة الميلاد حتى الوفاة !!! إنه القلب

لا أجد أبلغ أيضاحا من هذه الأية الكريمة:

أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ" الحج : 46"



قلوب لا يعقلون بها (قلوب) يبدو أن مفاهيمنا ستتغير تماما بعد فهم هذه الأية

على مدى سنوات طويلة درس العلماء القلب من الناحية الفيزيولوجية واعتبروه مجرد مضخة للدم لا أكثر ولا أقل. ولكن ومع بداية القرن الحادي والعشرين ومع تطور عمليات زراعة القلب والقلب الاصطناعي وتزايد هذه العمليات بشكل كبير، بدأ بعض الباحثين يلاحظون ظاهرة غريبة ومحيرة لم يجدوا لها تفسيراً حتى الآن! إنها ظاهرة تغير الحالة النفسية للمريض بعد عملية زرع القلب، وهذه التغيرات النفسية عميقة لدرجة أن المريض بعد أن يتم استبدال قلبه بقلب طبيعي أو قلب صناعي، تحدث لديه تغيرات نفسية عميقة، بل إن التغيرات تحدث أحياناً في معتقداته، وما يحبه ويكرهه، بل وتؤثر على إيمانه أيضاً!!


هل الدماغ يتحكم بعمل القلب كما يقول العلماء، أم أن العكس هو الصحيح؟


إن علم الطب لا يزال متخلفاً!! وهذا باعتراف علماء الغرب أنفسهم، فهم يجهلون تماماً العمليات الدقيقة التي تحدث في الدماغ، يجهلون كيف يتذكر الإنسان الأشياء، ويجهلون لماذا ينام الإنسان، ولماذا ينبض القلب، وما الذي يجعل هذا القلب ينبض، وأشياء كثيرة يجهلونها، فهم ينشرون في أبحاثهم ما يشاهدونه فقط، ليس لديهم أي قاعدة مطلقة، بل كل شيء لديهم بالتجربة والمشاهدة والحواس. نعود ونتذكر حديث الرسول الكريم عليه وعلى آله الصلاة والتسليم: (ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) [البخاري ومسلم].


وجدت بحثا أكثر من رائع عن تفاصيل أكثر تتعلق بهذا الموضوع على الإنترنت :

http://www.kaheel7.com/ar/index.php?option=com_content&view=article&id=132%3A2010-03-22-23-54-11&catid=38%3A2010-02-02-19-06-41&Itemid=65


إلى إي درجة ينبغي أن نعمل عقلنا في الدين؟


إلى الدرجة صفر فقط!!! قد يكون في هذا صدمة لك!!! الإمام على رضي الله عنه .. ساعة تكلم عن المسح على الخفين (في حالة الوضوء لمن يرتدي الخف) .. قال : لو أن المسألة تخضع للعقل .. لكان المسح على باطن القدم أولى من المسح على ظاهره .. لأن باطن القدم هو الذي "يتعرض للإتساخ يظن بعض الناس أن الإيمان والدين والعقيدة مثل سائر الأمور التي يمكن أن نتكلم فيها بطريقة تعاملنا مع باقي المسائل الحياتية وهذا خطأ فادح لأن لو كان الدين بالعقل لأهتدى إليه كل ذو عقل فطن وما كان هناك الحاجة للرسل والأنبياء والشرائع والكتب السماوية ... وهذا أيضا يفتح الباب لعوام الناس ولكل من ظن في نفسه أن له عقل راجح أن يفتيك بالمنطق في أمور فقهية حساسة بغير علم منزل!!! ستجد شخصا يعمل عقله في الصلاة ويقول لك أن صلاة الظهر مثلا يجب أن تكون ثلاث ركعات وليس أربعه!! لماذا؟ لأن المنطق يقول بما أن الصبح ركعتين والعصر أربعه إذن فالترتيب الطبيعي المنطقي أن يكون الظهر ثلاثه فقط !!! وهذا بالطبع هراء وستجد من يقول لك أن شرب الخمر يجب أن يكون حلالا في الدول الباردة لأنه يدفئ الناس هناك بينما حراما في الدول الحارة لأنها في الأصل حارة!!! وستجد أمور مضحكة كثيرة وللأسف نسمع بها كل يوم من أولئك المهرجون....


إعمال العقل يكون في أمور الفطرة السليمة فقط لكن ليس في التكاليف فأي إنسان له فطرة سليمة يعلم يقينا بوجود خالق للسموات والأرض لكن من هو؟ وماذا يريد منا وكيف نعبده؟ فهذه الأسئلة تجيب عنها الأديان بنصوص وتكون منزلة من السماء بوحي على قلوب الأنبياء الذين يتولون بدورهم نقلها للبشر كما هي ... وبعد أن ينتهي عصر الرسل فيقوم علماء الدين (المفتي) بإعمال عقله في القياس فقط في محدثات الأمور فلا يستطيع أن يأتي بنص جديد ولا أن يغير في نص موجود ولكن كل ما يمكنه فعله هو القياس على نص موجود أصلا ويستطيع من له علم مساوي له أو أكثر أن يخطئه في إجتهاده لكن طالما هناك نص فلا إجتهاد....أما أنت فأرح نفسك وإلتزم بما جاء في النص ولا تجادل إلا عن علم...طبعا إنظر ما يمكن أن يؤدي إليه تحريف الأديان وتغيير النصوص أو محاولة إلباسها بما ليس فيها....


الإيمان شيئ يقر في القلب وليس قناعه عقلية لأنه لو كان قناعه عقلية لما سمى إيمان أصلا.. الإيمان أن يرى قلبك مالا تراه عيناك أو يفهمه عقلك... الله غيب والملائكة والجنة والنار وكل هذه أمور لم يراها العقل ولكن الإيمان يتطلب منك أن تصدقها كما لو أنك رأيتها رؤى العين. لو تجلى الله للناس جهرة لعلموا بوجوده وما كان هناك الحاجة لأن يؤمنوا به..... الأن أنت لاتؤمن بأنك تقرأ بل تعلم يقينا أنك تقرأ ... هذا هو الفرق.....


الغباء والذكاء والظلمات والنور


قد تجد بعض الناس على درجة عالية من الذكاء الفطري أو المكتسب فهو قادر على حل المسائل المعقدة بسرعة وسهولة ويستطيع أن يتذكر الكثير من المعادلات الكيميائية والنظريات الهندسية ومتفوقا في شتى آنواع العلوم ويعلم الكثير والكثير ولكن هذه ما نسميها بالعلوم الظاهرية وقد تجد بعضا من الناس قد تذدري أشكالهم وملابسهم وربما لا تسمع لهم إي ذكر في مجال الهندسة والطب والفلك والكيمياء ولكن تجد قلبه عامرا بالإيمان يصلح بين الناس ويصلح في الأرض ويهدي به الله عز وجل وعلى يديه تجري الكرامات لما لديه عند الله من منزلة عالية .... وقد تجد نوع أخر من الناس جمع بين علم النيا الظاهري وهدى الله فالعلم نور ونور الله لا يهدى لعاص وهؤلاء قليل ماهم ... أما الأغلبيه العظمى من الناس فتجده لا يفقه شيئا لا في علوم الدنيا الظاهرية ولا حتى عنده من الهدى ما يتبين به سبل الرشاد !


وَعدَ اللَّهِ ۖ لا يُخلِفُ اللَّهُ وَعدَهُ وَلٰكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمونَ * يَعلَمونَ ظٰهِرًا مِنَ الحَيوٰةِ الدُّنيا وَهُم عَنِ الاخِرَةِ هُم غٰفِلونَ *أَوَلَم يَتَفَكَّروا فى أَنفُسِهِم ۗ ما خَلَقَ اللَّهُ السَّمٰوٰتِ وَالأَرضَ وَما بَينَهُما إِلّا بِالحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى ۗ وَإِنَّ كَثيرًا مِنَ النّاسِ بِلِقائِ رَبِّهِم لَكٰفِرونَ * أَوَلَم يَسيروا فِى الأَرضِ فَيَنظُروا كَيفَ كانَ عٰقِبَةُ الَّذينَ مِن قَبلِهِم ۚ كانوا أَشَدَّ مِنهُم قُوَّةً وَأَثارُوا الأَرضَ وَعَمَروها أَكثَرَ مِمّا عَمَروها وَجاءَتهُم رُسُلُهُم بِالبَيِّنٰتِ ۖ فَما كانَ اللَّهُ لِيَظلِمَهُم وَلٰكِن كانوا أَنفُسَهُم يَظلِمونَ "الروم ٦"


المعرفة الكلية


أنت بلا شك تحتاج لأكثر من عقللك لتستطيع أن تستوعب ما يسمى بالنظرية الكونية الموحده ... نعم تحتاج أن تفهم ولكن من خلال قلبك هذه المرة وهذا ما يحتاج لتدريب على شيئ لم تعتد أن تفعله سابقا .... ولكن إحذر فأينشتين نفسه ظل أخر عقدين في عمره يحاول أن يصل لهذا الموضوع بعقله فقط ولكنه ما وصل فيه لشيئ!!!!


حاول بوذا أن يمرر شيئا من الحكمة لأتباعه لكنه لم يستطيع لأنهم لم يكونوا مهيئون لإستقبال تلك المعرفة الكلية ... حاولوا أن يتعاملوا معها كقضية عقلية كما إعتادوا أن يتعاملوا مع باقي الأشياء في حياتهم اليومية....


تلك المعرفة الكلية التي تشعر بها إذا جلست مثلا مع أحد الأشخاص ووجدت إحساسا لطيفا غريبا يشع منه لا تستطيع فهمه لكنه يمرر لك سلاما داخليا وراحه وطمأنينة هذا إذا كنت محظوظا وقابلت أحدهم .... أما الغالب فأنك تجد الكثير من القلق والتوتر في حياتك والعصبية الزائده بسبب ما يمرره لك بعض الأشخاص من الحمقى بدون أن يشعروا ما يفعلوه بفسادهم وإفسادهم للأرض .... وللأسف فكثيرا ما هم!!!


بداية الإتجاه للتوحيد


أسدى نيوتن للبشرية معروفا جليلا بنظرية تفاحته الشهيرة التي أودت به لوضع قانون الجاذبية وهذا القانون وجد أنه مطبق ويصلح لتفسير الظواهر الطبيعية على كوكب الأرض من أدق الذرات وبناء النواة إلى السقوط الحر للأجسام تحت تأثير عجلة الجاذبية الأرضيه كما يصلح قانونه لتفسير حركة الكواكب السيارة والأجرام السماوية العملاقه وتفسير البناء الفريد للمجرات والنسيج الكوني بصفة عامة.... لقد أكد نفس الحقيقة أن الكون كله وحده واحده تعمل كلها بنفس القواعد وهذا بطبيعة الحال لأن الخالق واحد عز وجل.


قام ماكسويل بعمل أكثر من رائع حينما وضع أربع قوانين فقط تقوم بتوحيد كل نظريات وعمل الكهرباء والمغناطيسية التي وجد أيضا أنها تعمل وفق نفس المبدأ وسماها قوانين الكهرومغناطيسية فالبوصلة تتحرك لتشير لأتجاه الشمال المغناطيسي وتتأثر حينما تحدث حولها صواعق وبرق فالكهرباء لها نفس فعل المغناطيس وتستطيع أن تحول بين شكلي الطاقة بسهولة


لاحظ وإختبر أينشتين أن سرعة الضوء هي أكبر سرعة في الكون وربط بين قوانين الجاذبية لنيوتن وقوانين الضوء فيما سماه بنظرية النسبية العامة


يعكف العلماء الأن على دراسة كيف يمكن توحيد قوانين النسبية العامة مع قوانين ماكسويل لربط ذلك بالزمان والمكان كما جاء في نظرية إينشتين وربط كل هذا بما يسمي بالكوانتم وما تحكمه من نظريات الجسيمات المتناهية في الصغر والطاقة والقوى العظمى الكامنه فيها (الطاقة النووية والطاقة الذرية)....


يعلم العلماء يقينا الأن آن العلم الذي في آيديهم ليس دقيقا تماما فقوانين نيوتن وإينشتين التي تحكم ميكانيكا الأجسام الكبري كالكواكب والمجرات إذا تم تطبيقها بحذافيرها على الجسيمات الصغيرة كالبروتونات والنيوترونات والألكترونيات تعطي نتائج مختلفه تماما ويستخدمون معادلات ونظريات أخري وهي ميكانيكا الكوانتم بفرعيها آيضا وهذا غير علمي لأنه كيف يمكن التعامل مع نفس المكونات بقوانين معينه إذا كان حجمها كبيرا وبقوانين أخرى مختلفه إذا كان حجمها صغير!!


تشير الدلائل لوجود حلقه مفقوده في الموضوع وهي التي يعكفون عليها حاليا لمحاولة الربط بين القوى التي تحكم عالمنا .... وتوصلوا إلي ما يعرف بنظرية الأوتار وهي ليست جسيمات إنما نوع من الطاقه المهتزة في أشكال حلقية متناهية في الصغر هي المكون الأساسي لكل شيئ في هذا الكون من اللألكترونيات حتى المجرات..... كل شيئ مصنوع من هذه الطاقه .... وهذا الموضوع في حد ذاته يحتاج لمقال أخر ....


اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " النور ٣٤"


وحدة كونية مذهلة


في بداية الحضارات وعندما كان العلم لدى البشر بسيطا جدا ويعتمد على الحقائق المجردة والتجربة والمشاهدة والإستنتاج كان هناك فصل تام بين آبواب العلم المختلفه فالفلكيون يتحاورون بلغة غير الكيمائييين والفيزيائيين والنفسانيون منفصلين عن الأطباء والصيادلة والمعنيون بالجيلوجيا مختلفين تماما عن المعنيون بالأحياء !!! كل فريق في واد وكل شخص يحاول أن يري الكون في مجاله من منظوره الشخصي الذي هو بالطبع مختلف عن الباقيين لكن الخالق عز وجل حينما يريد شيئا إنما آمره آن يقول له كن فيكون سبحانه .... هذا بغض النظر عن كون هذا الشيئ الأصلي آو موضوع الأمر فلك كان أو آحياء ديناميكا آو كهرو مغناطيسية هذا لا يهم فكلها أسماء نحن الذين وضعناها لكي نفرق بين آبواب العلم المختلفه وهذه التسميات ما فادت وإنما أضلت لأن الأمر كله واحد "الإرادة" رغبة الخالق عز وجل في شيئ ما هي وحدها كفيلة بتنفيذه وكما يقال فالعلوم آنهار تصب في بحر المعرفه....


آنظر لهذه الأية:

"قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ" النمل 37


عفاريت الجن لم تقدر رغم عظيم قدراتها مقارنة بقدرات الإنسان! ليس المهم هو نوع المخلوق وإنما العلم الذي لديه وبالطبع المقصود هنا ليس هذا العلم المسمى بالفيزياء الطبيعية أو ديناميكا حركة الأجسام فطبقا لقوانين هذا النوع من العلم فالذي حدث يتناقض تماما مع أساسيات ومبادئ العلم البشري القائم على العقل والمنطق الإستقرائي أو الإستباطي .... فكيف يعقل أن ينتقل عرش ملكة سبأ في أقصى اليمن إلى القدس (محل مجلس سيدنا سليمان عليه السلام) وهي مسافة تقدر بألاف الكيلومترات في لمح البصر !! المشار إليه هنا هو علم من الكتاب .... والسؤال إي كتاب وإي

نوع من العلم هذا؟!! هل هذا هو العلم الكلي أو المعرفه التي تصب في بحرها أنهار العلم؟

في هذا النوع من العلم تجد أن قوانين الطبيعة كلها وحتى ما نستغربه من ظواهر خارقه ونسميها علوم ما وراء الطبيعه إستسهالا منا حينما تعجز القوانين الطبيعية على تفسيرها هذا كله ينطبق عليه قانون واحد يخضع له كل الكون من أصغر جسيم إلى أعظم مجرة.... كله شيئ واحد ... وحدة واحدة.....


السبت، 2 أكتوبر 2010

بعد أن تخطى منتصف السرداب

طال النهار ... وضوء الشمس يزيغ البصر ... يجعلك ترى ولكنك لا ترى إلا ما ظهر لك و ما تراه يحجب عن بصرك الحقيقه.


أدلف الليل وبدأ السكون يخيم والعتمة شديده فبدأ العقل المتلهف يفكر يحاول أن يبحث عن راحته ومن ثم سعادته ولكن هيهات هيهات فالمحدودية صفته


تلألأت النجوم وتعاقبت الليالي والعقل ينشط حينما يريحه الجسد من كثرة مطالبه وحينما يشبع الجسد ويمل فأنه يفسح المجال لما هو أهم

كان يسهر كل ليلة ويحاول أن يتلمس طريقه بينما هو يجلس مكانه متأملا... تكررت المحاولات ربما لألاف المرات ولكن كانت النتيجه واحده.... لم يصل لشيئ!


بعد أن تخطى منتصف السرداب



جلس ذات مرة وقال في نفسه.... لماذا دائما أسير في نفس الإتجاه؟ لماذا أحاول أن أسير عكس التيار دائما؟ ماذا لو كسرت تلك القاعده؟ وصمم ليلتها على تنفيذ التجربه.... ترك نفسه تماما للتيار وأستسلم تماما ...مرة فمرة .... بدأ التيار يداعبه في لطف وبعد فتره أخذ يجذبه ويحركه كأنه أكتشف فجأه بأنه أصبح حر....


في البداية تخيل أن التيار صادقه وأخذ به بعيدا بعيدا في رحلة عجيبة .... كان سعيدا جدا فهذه التجربه جديده عليه تماما وهي أحلى من أن توصف ولا يمكن مقارنة سعادته في هذه اللحظه بسعادته أيام إشباع الجسد ... لكنه أكتشف بعد فترة بأن التيار لا يأخذه بعيد ا وإنما قريبا وقريبا جدا ...ذهل عندما أكتشف أنه لا يطفو بل يغوص!!!


يغوص ثم يغيب ... كانوا يقولون أنه نام ثم أستيقظ ... كان يتعجب منهم ولكنه يتذكر أيام أن كان منهم ... ود أن يقول لهم أنه كان مستيقظا ثم نام ... حاولوا أن يحصلوا منه على معلومات أو دلائل أو حتى يفهموا ما به فقد ظنوا أنه مريض .... لا يأكل منذ شهور ... تغيرت أحوال جسده فبدا لهم وكأن ما به أعراض المرض ... حاولوا أن يعطوه دواء وللأسف خارت قواه فلا يستطيع أن يمنعهم .... في كل مرة يعطونه مقويا يؤدي به إلى نتيجه عكسية فالطعام يجعله يطفو ( أو يهبط في عالمهم) بينما المقوي يضعفه..... أراد أن يهرب منهم فسيفسدوا عليه سعادته بجهلهم !!!!


أتفق مع التيار على أنه لافائدة منهم وما عاد ينبغى أن يظل معهم فلن يفهموه وقد حاول منعهم قبل ذلك مرات بلا جدوى .... أعد ا سردابا طويلا مظلما يؤدي في أخره إلى الطريق .... سار في الليل كالعادة حاملا شعلته .... كان مصمما طول رحلة الذهاب على عدم العودة حتى وصل إلى نقطه في منتصف السرداب وجد فيها نفسه كأنه قد عاد ليعوم عكس التيار مرة أخرى أو أن التيار قد غير إتجاهه....


قاوم وقاوم بإستماته وكأنه يعاند نفسه.... تمكن بعد جهد جهيد من الوصول إلى أخر السرداب وبعد أن وصل ظل واقفا وقد تسمرت قدماه من هول المفاجأه .... وقال أهذا حقا هو ما رغبت فيه؟ إن سعادتي لم تكن في رغبتي.....


كانت بحق مفاجئه ما رأه هناك ...لكنه للأسف قرر أن لا يذكر عنها شيئ.... فهي بحق مفاجئه ويجب أن تظل مفاجئه.... وعلم ساعتها لماذا كان التيار يحاول إرجاعه بعد أن تخطى منتصف السرداب .... قرر أن يعود لمثل ما كان فقد كان سعيدا وكان هذا أخر قرار يأخذه فقد تعلم أنه يجب أن لا يختار ولا يقرر ... إنما يستسلم للتيار ولا يقاومه فسيحصل على السعاده التي كان يريدها وربما أكثر بينما هذا العقل المحدود لا يدري إين مصلحته!!! ويجب أن يترك من لا يدري ويعلم أنه لا يدري زمام الأمور وإلا فأنه سيسير إلى هلاكه....


ذكر فقط معلومه واحده تحت إلحاح شديد: أخبره أحد ما ممن كانوا هناك بأنه محظوظ لأنه لازالت أمامه فرصة العودة فلم يكن قد خرج من الطريق بعد بينما لو كان تخطى الحاجز كانت إستحالة العودة لأنه كانت ستسحب منه الإرادة.


علم أن السعادة الحقيقية ليست في تنفيذ كل ما يريد ولكن في أن يكون عنده إراده ويختار بها طواعية ألا يختار .....


علم أيضا بأن بقائه معهم رغم جهلهم أفضل لهم وله فهو يرشدهم أحيانا وهم يسعدونه بجهلهم لأنه يحس معهم بأنه متفوق عليهم وكان بإمكانه أن يتركهم .... لكنه قرر أن يكون معهم....


ترك السرداب أمامه دائما ليتعظ به .... ربما قلة فقط هم من يستطيعوا أن يتعظوا منه .... يراه الكثيرون كل يوم لكن لا يعرفون عنه شيئا ولا كيفية الدخول فيه ولا لأي طريق يؤدي

كالعادة فهم لا يبصرون وإنما يرون في الضوء فقط