الأربعاء، 13 أكتوبر 2010

العقل وحده لا يكفي

مقدمة:


كيف يعمل العقل؟


حينما تحاول أن تقنع أخاك الأصغر بقضية ما كضرورة أن يستذكر دروسه بجد حتى يتفوق ويجد له بعد ذلك مستقبلا باهرا فتكون حياته أكثر سعاده وأن لا يضيع وقته الأن باللعب والإستهتار فستجد عقله وقلبه مغلقا عن فهم وإستيعاب ما تقول وعليك ساعتها أن تجد طريقة ما لتحببه في المذاكرة وإلا فلن يجدي الحوار العقلاني فقط نفعا..... السبب الرئيسي في هذا هو محدودية العقل البشري فيجب أن نعلم أن العقل يعمل بنظام محدد ولا يستطيع أن يستوعب أكثر من سقف معين وهذا السقف يرتفع بناء على تراكمية المعارف والخبرات الحياتية المكتسبه فالطفل الصغير لا نستطيع أن نكلفه بحل مسائل رياضية معقدة في التفاضل والتكامل مثلا ولكن يجب أن يدرس قبلها الأساسيات كجدول الضرب ثم الرياضيات البسيطه كالجبر والهندسه ثم ينتقل للرياضيات الأكثر تعقيدا كالهندسة الفراغية والهندسه التحليلية كل هذا قبل أن يستطيع أن يحل أبسط مسألة في التفاضل والتكامل أو أن تشرحها له أو أن تطلب منه أن يفكر فيها ويحاول أن يهتدي للحل بمفرده. الكارثة الكبرى هي أن العقل تلعب به الأهواء فكثير من القضايا العقلية تنهي بالفشل لأن آحد الطرفين (أو كلاهما) يسيطر عليه هوى في نفسه أغلق عليه عقله وقلبه.


العقل يجب أن يستوعب المرحلة السابقة لتكون أساسا ليبني عليه المرحلة الجديدة وهكذا ... القاضي مثلا لكي يستطيع أن يحل المشاكل المعقدة بين المتنازعين يجب أن يبدأ حياته بالجلوس إلى جوار أحد القضاة المحنكين ويتعلم كيف يفهم المنازعات ويمرن عقله على إستيعاب وجهات نظر الطرفين المختلفه ويتعلم كيف يجرد هواه وميوله الشخصية من القضية وبناء عليه تتراكم الخبرات المعرفية المكتسبة لديه فيستطيع بعد مدة زمنية معينة أن يمارس القضاء الإبتدائي ثم العالي وهكذا ....بل أن الأمر في القضاء يحتاج أحيانا لما هو أكثر من إمكانيات العقل كالموهبة الفطرية (الحكمة) والإلهام والوحي أو التوفيق الإلهي"وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ" الأنبياء 78


العقل كثيرا ما يضل


يحدثنا التاريخ عن الكثير من الفلاسفه على مر الأزمان والعصور .. أرسطو ... أفلاطون ... ديكارت... وبرغم المناهج والنماذج العقلية المتميزه حقا التي وضعوها في تسلسل ونمط منطقي مرتب لتقودهم للمعرفه وإدراك الحقيقة لكن بكل أسف لم يستطيعوا أن يهتدوا بعقولهم المجردة لوجود الله أو من هو (أغلبهم ملاحدة أو يعبدون إلها لا يعرفونه) أنظر مثلا لما حدث مع سيدنا إبراهيم في رحلة بحثه عن الخالق حينما كان يحاول أن يستخدم عقله فقط في البداية ؟ ولولا أن هداه الله ما كان ليصل لشيء بمفرده "وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ * فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي *فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي * فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ * فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ *إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ" الأنعام 75


أورد الخالق عز وجل هذه القصة ليدلنا على أن عقل البشر لا يهتدي لأبعد مما خلق له وهو ممارسة الحياة اليومية الإعتيادية من طعام وحركة وأعمال بسيطه وحرف تقليدية أما أن يستنبط شيئا جديدا لم يخبره من قبل فهذا لا يتم سوى بوحي منزل من لدن حكيم عليم.


مبحث:


قواعد التعامل بالعقل


من علم قضية ما أصبح عالما فيها و نستطيع تقسيم إي حوار عقلاني واعي إلى الأقسام التالية:

ا- حوار بين شخصين كلاهما متفق على نفس القضية ... وهذا مضيعة للوقت فماذا يمكن أن نقوله زائدا إذا إتفقنا على إن حاصل ضرب 2 * 2 = 4؟


ب- حوار بين شخصين مختلفين على قضية ما فأحدهما يقول أنا حاصل الضرب =4 والأخر يقول أنه 5 أو 6 مثلا... والأفضل للعالم أن يحاول أن يجد للمتعلم مرجعية يعتمد عليها ليحاول أن يقنعه بالمنطق فإذا وجد أنه لا يزال مصمما بعد أن تبين له الحق أعرض عنه فأنه جاهل وإلا كان حواره معه جدال وكفانا الله شر هذا النوع فهو منبع المشاكل.


ج- حوار بين عالم ومتعلم يقول فيه العالم أن حاصل الضرب = 4 فيقتنع المتعلم بسهولة وهذا له أدابه بين المعلم والمتعلم:


1- خاطب الناس على قدر عقولهم ولا تتوقع أن يفهم طلاب المرحلة الإعدادية دروسا متقدمة في الطاقة الذرية.


2- ليس معنى أنك تعلم جزءا معينا في علم معين أنك أفضل من شخص لا يعلمه فربما هو يعلم أشياء أخرى لاتدري أنت عنها شيئا.


3-إحترم الضعف في عقول من هم أقل ذكاء منك فهناك بلا شك من هم أكثر ذكاء منك


4-الشخص الذي لا يعلم شيئا ما يحتاجك لأن تشرحه له ووسيلة التخاطب (الشائعة) بين البشر تتم عن طريق العقل والأسهل أن ينزل من مستوى ذكائه أعلى لمن مستوى ذكائه أقل فإن هذا لا يتطلب مجهودا كبيرا. ولكن هذه موهبة لا تتسنى لكثير من البشر.


5- لا نفع للحوار بين شخصين الفارق العقلي بينهم كبيرا جدا فلن يفهما بعضهما فبروفيسير الجامعه ليس أفضل شخص يعلم الأبناء حروف الهجاء وجدول الضرب.


6- هناك فرق بين العقل الذي نستخدمه للخطاب والتفكير والقلب الذي نستلهم به الأشياء التي لا تفهم بالعقل عادة فلا تحاول أن تقنع أحدا بالعقل بما يتطلب أكثر من العقل للإقناع به.


7- العالم شخص إستقطع الكثير من وقته في البحث عن العلم والتنقيب عنه والبحث والدراسة ثم يحاول أن يلخص لك ما يقوله في قليل من الوقت لأنه بحاجة لكل ثانية ليستكمل أبحاثه فلا تضيع وقته فيما لا يفيد ولتكن أسئلتك سريعه ومباشرة.


8-المعلم يبذل مجهود كبير لينزل بمستوى عقله لمستوى عقل المتعلم ربما ليحاول أن يجد مثالا يضربه له فيتضح المعنى أو يحاول أن يبسط لغته لك فتفهمها ويأخذ وقتا حتى ينتقي ألفاظه فكن صبورا عليه ولا تثقل عليه أيها المتعلم بما لا يطيق وعلى المتعلم أن يوقر المعلم ويسأله بأدب جم وتذكر "لا تسألنّ بنيّ آدم حاجةً...وسل الذي أبوابه لا تحجبُ الله يغضب إن تركت سؤاله..وبنيُّ آدامَ حين يسألُ يغضبُ" فعلى الأقل لا تكن لحوحا كثير السؤال


9-يضيع العلم بين الحياء والكبر فلا تستحي أن تسأل عن شيئ لا تعلمه كما لا تتكبر على ذلك فأعلم العلماء هناك الكثير من الصغائر التي لايزال لا يعلمها.


10- كلما إزداد الأنسان علما كلما إزداد شغفا ونهما للعلم أكثر وأصبح الوقت ثمينا عنده أكثر فلا يجد الكثير منه ليعطيه للناس بالإضافة إلى تعقد مفرداته فستجد صعوبة في فهم لغته وهذا يفسر إنصراف العارفين عن الناس فقد وجدوا صعوبة في التواصل معهم. لذلك لا تذهب إلى عالم مفكرا كبيرا ثم تسأله سؤالا "كم يساوي حاصل ضرب 2 * 2= ولماذا؟" !!! وعليك أن تتقن فن ماذا تسأل ومن تسأل.


مدخل:


ماذا يمكن أن يكون هناك غير العقل؟


الروح غيب ولا نعلم عنها شيئا وما ذكر فيها إجتهادات "فهي من أمر ربي" ولكن السؤال هنا إين موضعها تحديدا في جسم الإنسان؟ ليست طبعا في الجوارح أو الأطراف فيمكن للإنسان الحياة بدون أطراف أو أعضاء كثيرة قي الجسم داخل البطن والعين والأذن وهكذا..... في العقل؟ أشك في هذا.. الشخص المجنون أو المغيب لا عقل له ولكن يظل جسده يعمل بصورة طبيعية منتظمه يسير ويتحرك ويأكل ويشرب ... الحياة موجوده فيه برغم غياب عقله.... الشخص النائم تنام أعضائه كلها حتى عقله مغلق مؤقتا كل شيئ مفصول عنده مؤقتا ليرتاح ما عدا عضو واحد يظل يعمل بكفائه ولا يجب أن يتعطل لحظة واحده من ساعة الميلاد حتى الوفاة !!! إنه القلب

لا أجد أبلغ أيضاحا من هذه الأية الكريمة:

أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ" الحج : 46"



قلوب لا يعقلون بها (قلوب) يبدو أن مفاهيمنا ستتغير تماما بعد فهم هذه الأية

على مدى سنوات طويلة درس العلماء القلب من الناحية الفيزيولوجية واعتبروه مجرد مضخة للدم لا أكثر ولا أقل. ولكن ومع بداية القرن الحادي والعشرين ومع تطور عمليات زراعة القلب والقلب الاصطناعي وتزايد هذه العمليات بشكل كبير، بدأ بعض الباحثين يلاحظون ظاهرة غريبة ومحيرة لم يجدوا لها تفسيراً حتى الآن! إنها ظاهرة تغير الحالة النفسية للمريض بعد عملية زرع القلب، وهذه التغيرات النفسية عميقة لدرجة أن المريض بعد أن يتم استبدال قلبه بقلب طبيعي أو قلب صناعي، تحدث لديه تغيرات نفسية عميقة، بل إن التغيرات تحدث أحياناً في معتقداته، وما يحبه ويكرهه، بل وتؤثر على إيمانه أيضاً!!


هل الدماغ يتحكم بعمل القلب كما يقول العلماء، أم أن العكس هو الصحيح؟


إن علم الطب لا يزال متخلفاً!! وهذا باعتراف علماء الغرب أنفسهم، فهم يجهلون تماماً العمليات الدقيقة التي تحدث في الدماغ، يجهلون كيف يتذكر الإنسان الأشياء، ويجهلون لماذا ينام الإنسان، ولماذا ينبض القلب، وما الذي يجعل هذا القلب ينبض، وأشياء كثيرة يجهلونها، فهم ينشرون في أبحاثهم ما يشاهدونه فقط، ليس لديهم أي قاعدة مطلقة، بل كل شيء لديهم بالتجربة والمشاهدة والحواس. نعود ونتذكر حديث الرسول الكريم عليه وعلى آله الصلاة والتسليم: (ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) [البخاري ومسلم].


وجدت بحثا أكثر من رائع عن تفاصيل أكثر تتعلق بهذا الموضوع على الإنترنت :

http://www.kaheel7.com/ar/index.php?option=com_content&view=article&id=132%3A2010-03-22-23-54-11&catid=38%3A2010-02-02-19-06-41&Itemid=65


إلى إي درجة ينبغي أن نعمل عقلنا في الدين؟


إلى الدرجة صفر فقط!!! قد يكون في هذا صدمة لك!!! الإمام على رضي الله عنه .. ساعة تكلم عن المسح على الخفين (في حالة الوضوء لمن يرتدي الخف) .. قال : لو أن المسألة تخضع للعقل .. لكان المسح على باطن القدم أولى من المسح على ظاهره .. لأن باطن القدم هو الذي "يتعرض للإتساخ يظن بعض الناس أن الإيمان والدين والعقيدة مثل سائر الأمور التي يمكن أن نتكلم فيها بطريقة تعاملنا مع باقي المسائل الحياتية وهذا خطأ فادح لأن لو كان الدين بالعقل لأهتدى إليه كل ذو عقل فطن وما كان هناك الحاجة للرسل والأنبياء والشرائع والكتب السماوية ... وهذا أيضا يفتح الباب لعوام الناس ولكل من ظن في نفسه أن له عقل راجح أن يفتيك بالمنطق في أمور فقهية حساسة بغير علم منزل!!! ستجد شخصا يعمل عقله في الصلاة ويقول لك أن صلاة الظهر مثلا يجب أن تكون ثلاث ركعات وليس أربعه!! لماذا؟ لأن المنطق يقول بما أن الصبح ركعتين والعصر أربعه إذن فالترتيب الطبيعي المنطقي أن يكون الظهر ثلاثه فقط !!! وهذا بالطبع هراء وستجد من يقول لك أن شرب الخمر يجب أن يكون حلالا في الدول الباردة لأنه يدفئ الناس هناك بينما حراما في الدول الحارة لأنها في الأصل حارة!!! وستجد أمور مضحكة كثيرة وللأسف نسمع بها كل يوم من أولئك المهرجون....


إعمال العقل يكون في أمور الفطرة السليمة فقط لكن ليس في التكاليف فأي إنسان له فطرة سليمة يعلم يقينا بوجود خالق للسموات والأرض لكن من هو؟ وماذا يريد منا وكيف نعبده؟ فهذه الأسئلة تجيب عنها الأديان بنصوص وتكون منزلة من السماء بوحي على قلوب الأنبياء الذين يتولون بدورهم نقلها للبشر كما هي ... وبعد أن ينتهي عصر الرسل فيقوم علماء الدين (المفتي) بإعمال عقله في القياس فقط في محدثات الأمور فلا يستطيع أن يأتي بنص جديد ولا أن يغير في نص موجود ولكن كل ما يمكنه فعله هو القياس على نص موجود أصلا ويستطيع من له علم مساوي له أو أكثر أن يخطئه في إجتهاده لكن طالما هناك نص فلا إجتهاد....أما أنت فأرح نفسك وإلتزم بما جاء في النص ولا تجادل إلا عن علم...طبعا إنظر ما يمكن أن يؤدي إليه تحريف الأديان وتغيير النصوص أو محاولة إلباسها بما ليس فيها....


الإيمان شيئ يقر في القلب وليس قناعه عقلية لأنه لو كان قناعه عقلية لما سمى إيمان أصلا.. الإيمان أن يرى قلبك مالا تراه عيناك أو يفهمه عقلك... الله غيب والملائكة والجنة والنار وكل هذه أمور لم يراها العقل ولكن الإيمان يتطلب منك أن تصدقها كما لو أنك رأيتها رؤى العين. لو تجلى الله للناس جهرة لعلموا بوجوده وما كان هناك الحاجة لأن يؤمنوا به..... الأن أنت لاتؤمن بأنك تقرأ بل تعلم يقينا أنك تقرأ ... هذا هو الفرق.....


الغباء والذكاء والظلمات والنور


قد تجد بعض الناس على درجة عالية من الذكاء الفطري أو المكتسب فهو قادر على حل المسائل المعقدة بسرعة وسهولة ويستطيع أن يتذكر الكثير من المعادلات الكيميائية والنظريات الهندسية ومتفوقا في شتى آنواع العلوم ويعلم الكثير والكثير ولكن هذه ما نسميها بالعلوم الظاهرية وقد تجد بعضا من الناس قد تذدري أشكالهم وملابسهم وربما لا تسمع لهم إي ذكر في مجال الهندسة والطب والفلك والكيمياء ولكن تجد قلبه عامرا بالإيمان يصلح بين الناس ويصلح في الأرض ويهدي به الله عز وجل وعلى يديه تجري الكرامات لما لديه عند الله من منزلة عالية .... وقد تجد نوع أخر من الناس جمع بين علم النيا الظاهري وهدى الله فالعلم نور ونور الله لا يهدى لعاص وهؤلاء قليل ماهم ... أما الأغلبيه العظمى من الناس فتجده لا يفقه شيئا لا في علوم الدنيا الظاهرية ولا حتى عنده من الهدى ما يتبين به سبل الرشاد !


وَعدَ اللَّهِ ۖ لا يُخلِفُ اللَّهُ وَعدَهُ وَلٰكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمونَ * يَعلَمونَ ظٰهِرًا مِنَ الحَيوٰةِ الدُّنيا وَهُم عَنِ الاخِرَةِ هُم غٰفِلونَ *أَوَلَم يَتَفَكَّروا فى أَنفُسِهِم ۗ ما خَلَقَ اللَّهُ السَّمٰوٰتِ وَالأَرضَ وَما بَينَهُما إِلّا بِالحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى ۗ وَإِنَّ كَثيرًا مِنَ النّاسِ بِلِقائِ رَبِّهِم لَكٰفِرونَ * أَوَلَم يَسيروا فِى الأَرضِ فَيَنظُروا كَيفَ كانَ عٰقِبَةُ الَّذينَ مِن قَبلِهِم ۚ كانوا أَشَدَّ مِنهُم قُوَّةً وَأَثارُوا الأَرضَ وَعَمَروها أَكثَرَ مِمّا عَمَروها وَجاءَتهُم رُسُلُهُم بِالبَيِّنٰتِ ۖ فَما كانَ اللَّهُ لِيَظلِمَهُم وَلٰكِن كانوا أَنفُسَهُم يَظلِمونَ "الروم ٦"


المعرفة الكلية


أنت بلا شك تحتاج لأكثر من عقللك لتستطيع أن تستوعب ما يسمى بالنظرية الكونية الموحده ... نعم تحتاج أن تفهم ولكن من خلال قلبك هذه المرة وهذا ما يحتاج لتدريب على شيئ لم تعتد أن تفعله سابقا .... ولكن إحذر فأينشتين نفسه ظل أخر عقدين في عمره يحاول أن يصل لهذا الموضوع بعقله فقط ولكنه ما وصل فيه لشيئ!!!!


حاول بوذا أن يمرر شيئا من الحكمة لأتباعه لكنه لم يستطيع لأنهم لم يكونوا مهيئون لإستقبال تلك المعرفة الكلية ... حاولوا أن يتعاملوا معها كقضية عقلية كما إعتادوا أن يتعاملوا مع باقي الأشياء في حياتهم اليومية....


تلك المعرفة الكلية التي تشعر بها إذا جلست مثلا مع أحد الأشخاص ووجدت إحساسا لطيفا غريبا يشع منه لا تستطيع فهمه لكنه يمرر لك سلاما داخليا وراحه وطمأنينة هذا إذا كنت محظوظا وقابلت أحدهم .... أما الغالب فأنك تجد الكثير من القلق والتوتر في حياتك والعصبية الزائده بسبب ما يمرره لك بعض الأشخاص من الحمقى بدون أن يشعروا ما يفعلوه بفسادهم وإفسادهم للأرض .... وللأسف فكثيرا ما هم!!!


بداية الإتجاه للتوحيد


أسدى نيوتن للبشرية معروفا جليلا بنظرية تفاحته الشهيرة التي أودت به لوضع قانون الجاذبية وهذا القانون وجد أنه مطبق ويصلح لتفسير الظواهر الطبيعية على كوكب الأرض من أدق الذرات وبناء النواة إلى السقوط الحر للأجسام تحت تأثير عجلة الجاذبية الأرضيه كما يصلح قانونه لتفسير حركة الكواكب السيارة والأجرام السماوية العملاقه وتفسير البناء الفريد للمجرات والنسيج الكوني بصفة عامة.... لقد أكد نفس الحقيقة أن الكون كله وحده واحده تعمل كلها بنفس القواعد وهذا بطبيعة الحال لأن الخالق واحد عز وجل.


قام ماكسويل بعمل أكثر من رائع حينما وضع أربع قوانين فقط تقوم بتوحيد كل نظريات وعمل الكهرباء والمغناطيسية التي وجد أيضا أنها تعمل وفق نفس المبدأ وسماها قوانين الكهرومغناطيسية فالبوصلة تتحرك لتشير لأتجاه الشمال المغناطيسي وتتأثر حينما تحدث حولها صواعق وبرق فالكهرباء لها نفس فعل المغناطيس وتستطيع أن تحول بين شكلي الطاقة بسهولة


لاحظ وإختبر أينشتين أن سرعة الضوء هي أكبر سرعة في الكون وربط بين قوانين الجاذبية لنيوتن وقوانين الضوء فيما سماه بنظرية النسبية العامة


يعكف العلماء الأن على دراسة كيف يمكن توحيد قوانين النسبية العامة مع قوانين ماكسويل لربط ذلك بالزمان والمكان كما جاء في نظرية إينشتين وربط كل هذا بما يسمي بالكوانتم وما تحكمه من نظريات الجسيمات المتناهية في الصغر والطاقة والقوى العظمى الكامنه فيها (الطاقة النووية والطاقة الذرية)....


يعلم العلماء يقينا الأن آن العلم الذي في آيديهم ليس دقيقا تماما فقوانين نيوتن وإينشتين التي تحكم ميكانيكا الأجسام الكبري كالكواكب والمجرات إذا تم تطبيقها بحذافيرها على الجسيمات الصغيرة كالبروتونات والنيوترونات والألكترونيات تعطي نتائج مختلفه تماما ويستخدمون معادلات ونظريات أخري وهي ميكانيكا الكوانتم بفرعيها آيضا وهذا غير علمي لأنه كيف يمكن التعامل مع نفس المكونات بقوانين معينه إذا كان حجمها كبيرا وبقوانين أخرى مختلفه إذا كان حجمها صغير!!


تشير الدلائل لوجود حلقه مفقوده في الموضوع وهي التي يعكفون عليها حاليا لمحاولة الربط بين القوى التي تحكم عالمنا .... وتوصلوا إلي ما يعرف بنظرية الأوتار وهي ليست جسيمات إنما نوع من الطاقه المهتزة في أشكال حلقية متناهية في الصغر هي المكون الأساسي لكل شيئ في هذا الكون من اللألكترونيات حتى المجرات..... كل شيئ مصنوع من هذه الطاقه .... وهذا الموضوع في حد ذاته يحتاج لمقال أخر ....


اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " النور ٣٤"


وحدة كونية مذهلة


في بداية الحضارات وعندما كان العلم لدى البشر بسيطا جدا ويعتمد على الحقائق المجردة والتجربة والمشاهدة والإستنتاج كان هناك فصل تام بين آبواب العلم المختلفه فالفلكيون يتحاورون بلغة غير الكيمائييين والفيزيائيين والنفسانيون منفصلين عن الأطباء والصيادلة والمعنيون بالجيلوجيا مختلفين تماما عن المعنيون بالأحياء !!! كل فريق في واد وكل شخص يحاول أن يري الكون في مجاله من منظوره الشخصي الذي هو بالطبع مختلف عن الباقيين لكن الخالق عز وجل حينما يريد شيئا إنما آمره آن يقول له كن فيكون سبحانه .... هذا بغض النظر عن كون هذا الشيئ الأصلي آو موضوع الأمر فلك كان أو آحياء ديناميكا آو كهرو مغناطيسية هذا لا يهم فكلها أسماء نحن الذين وضعناها لكي نفرق بين آبواب العلم المختلفه وهذه التسميات ما فادت وإنما أضلت لأن الأمر كله واحد "الإرادة" رغبة الخالق عز وجل في شيئ ما هي وحدها كفيلة بتنفيذه وكما يقال فالعلوم آنهار تصب في بحر المعرفه....


آنظر لهذه الأية:

"قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ" النمل 37


عفاريت الجن لم تقدر رغم عظيم قدراتها مقارنة بقدرات الإنسان! ليس المهم هو نوع المخلوق وإنما العلم الذي لديه وبالطبع المقصود هنا ليس هذا العلم المسمى بالفيزياء الطبيعية أو ديناميكا حركة الأجسام فطبقا لقوانين هذا النوع من العلم فالذي حدث يتناقض تماما مع أساسيات ومبادئ العلم البشري القائم على العقل والمنطق الإستقرائي أو الإستباطي .... فكيف يعقل أن ينتقل عرش ملكة سبأ في أقصى اليمن إلى القدس (محل مجلس سيدنا سليمان عليه السلام) وهي مسافة تقدر بألاف الكيلومترات في لمح البصر !! المشار إليه هنا هو علم من الكتاب .... والسؤال إي كتاب وإي

نوع من العلم هذا؟!! هل هذا هو العلم الكلي أو المعرفه التي تصب في بحرها أنهار العلم؟

في هذا النوع من العلم تجد أن قوانين الطبيعة كلها وحتى ما نستغربه من ظواهر خارقه ونسميها علوم ما وراء الطبيعه إستسهالا منا حينما تعجز القوانين الطبيعية على تفسيرها هذا كله ينطبق عليه قانون واحد يخضع له كل الكون من أصغر جسيم إلى أعظم مجرة.... كله شيئ واحد ... وحدة واحدة.....


السبت، 2 أكتوبر 2010

بعد أن تخطى منتصف السرداب

طال النهار ... وضوء الشمس يزيغ البصر ... يجعلك ترى ولكنك لا ترى إلا ما ظهر لك و ما تراه يحجب عن بصرك الحقيقه.


أدلف الليل وبدأ السكون يخيم والعتمة شديده فبدأ العقل المتلهف يفكر يحاول أن يبحث عن راحته ومن ثم سعادته ولكن هيهات هيهات فالمحدودية صفته


تلألأت النجوم وتعاقبت الليالي والعقل ينشط حينما يريحه الجسد من كثرة مطالبه وحينما يشبع الجسد ويمل فأنه يفسح المجال لما هو أهم

كان يسهر كل ليلة ويحاول أن يتلمس طريقه بينما هو يجلس مكانه متأملا... تكررت المحاولات ربما لألاف المرات ولكن كانت النتيجه واحده.... لم يصل لشيئ!


بعد أن تخطى منتصف السرداب



جلس ذات مرة وقال في نفسه.... لماذا دائما أسير في نفس الإتجاه؟ لماذا أحاول أن أسير عكس التيار دائما؟ ماذا لو كسرت تلك القاعده؟ وصمم ليلتها على تنفيذ التجربه.... ترك نفسه تماما للتيار وأستسلم تماما ...مرة فمرة .... بدأ التيار يداعبه في لطف وبعد فتره أخذ يجذبه ويحركه كأنه أكتشف فجأه بأنه أصبح حر....


في البداية تخيل أن التيار صادقه وأخذ به بعيدا بعيدا في رحلة عجيبة .... كان سعيدا جدا فهذه التجربه جديده عليه تماما وهي أحلى من أن توصف ولا يمكن مقارنة سعادته في هذه اللحظه بسعادته أيام إشباع الجسد ... لكنه أكتشف بعد فترة بأن التيار لا يأخذه بعيد ا وإنما قريبا وقريبا جدا ...ذهل عندما أكتشف أنه لا يطفو بل يغوص!!!


يغوص ثم يغيب ... كانوا يقولون أنه نام ثم أستيقظ ... كان يتعجب منهم ولكنه يتذكر أيام أن كان منهم ... ود أن يقول لهم أنه كان مستيقظا ثم نام ... حاولوا أن يحصلوا منه على معلومات أو دلائل أو حتى يفهموا ما به فقد ظنوا أنه مريض .... لا يأكل منذ شهور ... تغيرت أحوال جسده فبدا لهم وكأن ما به أعراض المرض ... حاولوا أن يعطوه دواء وللأسف خارت قواه فلا يستطيع أن يمنعهم .... في كل مرة يعطونه مقويا يؤدي به إلى نتيجه عكسية فالطعام يجعله يطفو ( أو يهبط في عالمهم) بينما المقوي يضعفه..... أراد أن يهرب منهم فسيفسدوا عليه سعادته بجهلهم !!!!


أتفق مع التيار على أنه لافائدة منهم وما عاد ينبغى أن يظل معهم فلن يفهموه وقد حاول منعهم قبل ذلك مرات بلا جدوى .... أعد ا سردابا طويلا مظلما يؤدي في أخره إلى الطريق .... سار في الليل كالعادة حاملا شعلته .... كان مصمما طول رحلة الذهاب على عدم العودة حتى وصل إلى نقطه في منتصف السرداب وجد فيها نفسه كأنه قد عاد ليعوم عكس التيار مرة أخرى أو أن التيار قد غير إتجاهه....


قاوم وقاوم بإستماته وكأنه يعاند نفسه.... تمكن بعد جهد جهيد من الوصول إلى أخر السرداب وبعد أن وصل ظل واقفا وقد تسمرت قدماه من هول المفاجأه .... وقال أهذا حقا هو ما رغبت فيه؟ إن سعادتي لم تكن في رغبتي.....


كانت بحق مفاجئه ما رأه هناك ...لكنه للأسف قرر أن لا يذكر عنها شيئ.... فهي بحق مفاجئه ويجب أن تظل مفاجئه.... وعلم ساعتها لماذا كان التيار يحاول إرجاعه بعد أن تخطى منتصف السرداب .... قرر أن يعود لمثل ما كان فقد كان سعيدا وكان هذا أخر قرار يأخذه فقد تعلم أنه يجب أن لا يختار ولا يقرر ... إنما يستسلم للتيار ولا يقاومه فسيحصل على السعاده التي كان يريدها وربما أكثر بينما هذا العقل المحدود لا يدري إين مصلحته!!! ويجب أن يترك من لا يدري ويعلم أنه لا يدري زمام الأمور وإلا فأنه سيسير إلى هلاكه....


ذكر فقط معلومه واحده تحت إلحاح شديد: أخبره أحد ما ممن كانوا هناك بأنه محظوظ لأنه لازالت أمامه فرصة العودة فلم يكن قد خرج من الطريق بعد بينما لو كان تخطى الحاجز كانت إستحالة العودة لأنه كانت ستسحب منه الإرادة.


علم أن السعادة الحقيقية ليست في تنفيذ كل ما يريد ولكن في أن يكون عنده إراده ويختار بها طواعية ألا يختار .....


علم أيضا بأن بقائه معهم رغم جهلهم أفضل لهم وله فهو يرشدهم أحيانا وهم يسعدونه بجهلهم لأنه يحس معهم بأنه متفوق عليهم وكان بإمكانه أن يتركهم .... لكنه قرر أن يكون معهم....


ترك السرداب أمامه دائما ليتعظ به .... ربما قلة فقط هم من يستطيعوا أن يتعظوا منه .... يراه الكثيرون كل يوم لكن لا يعرفون عنه شيئا ولا كيفية الدخول فيه ولا لأي طريق يؤدي

كالعادة فهم لا يبصرون وإنما يرون في الضوء فقط

الأربعاء، 26 مايو 2010

إيشفيك إشفوك إشفوكن،

سافرت إلى السعوديه صغيرا منذ كنت فى الصف الثالث الإبتدائى مع الوالد يرحمه الله

بدأنا فى الصف الأول الإعدادى دراسة اللغة الإنجليزية كان الطلبة السعوديون يعتبرون اللغة الإنجليزية شيئا شيطانيا لا يمكن فك طلاسم شره وسحره وكان يدعم ذلك بعض الفتاوى التى ترى بحرمة دراسة هذه اللغة بإعتبارها لغة الكفر تجاوزنا الصف الأول والثانى الإعدادى ومعظم الطلبة لا يعرفون نطق الحروف أساسا كان الأمر مختلفا بالنسبة لى ببساطه لأن والدى يُدرس اللغة الإنجليزية فى المعاهد العليا وهو خريج كلية الأداب قسم اللغة الإنجليزية

عندما وصلنا إلى الصف الثالث الإعدادى تولى تدريسنا أستاذ سعودى نراه لأول مرة (كان إسمه له وقع عجيب فقد كان إسمه الأستاذ جربوع الجربوع) والجربوع عائلة سعوديه معروفة (تخيلوا أستاذا للغة الإنجليزية إسمه جربوع ) المهم أن استاذنا كان عائدا لتوه من بعثة فى الولايات المتحدة لدراسة أحدث أساليب تعليم الإنجليزية دخل إلى الفصل قائلا Good Morning every body رد عليه أربعة طلاب فقط من أصل 28 طالبا بينما فغر الباقون أفواههم دهشة حاول المسكين أن يستمر فى مخاطبة الفصل بالإنجليزية فلم تنقض خمس دقائق حتى صرخ بصوت كهزيم الرعد (وراكم ماتردون يا الثيران) فقال أحد الطلبة - وكان مشهودا له بشدة الغباء- (احنا ماندرى وش تجول) كانت هذه نقطة تحول فى فكر الأستاذ جربوع نحو تعليم الإنجليزية فقد أخذ على نفسه عهدا أن يعلم الطلبة بأسلوب جديد

دخل الحصة التالية حاملا عصا تشبه عصى عساكر الأمن المركزى وبدأ بتعليم الحروف فطلب منا أن نذاكر الحروف السته والعشرين خلال إسبوع على أن يعقد لنا إختبارا بعد ذلك فى يوم الإختبار صاح (A) كتب من شاء الله لهم ذلك الحرف الصعب فى أوراقهم ثم قال (B) هنا خرجت عشرة أصوات فى نفس الوقت تسأل أم كرش ولا أم كرشين ؟ هكذا علمهم الأسبقون أن أم كرش (P) أم كرشين (B) و هنا أصيب الأستاذ جربوع بلوثة مفاجئة وانهال بالعصا ضربا على رؤوس الجميع وهو يزعق بصوته الجهورى (والله لأدبغكم دبغ) بمعنى حيهرينا ضرب ، أصر الأستاذ جربوع على تعليمنا تصريف الأفعال فى اللغة الإنجليزية وكانت الطريقة أن يعطينا 10 أفعال وتصريفها فى حصة ويتم (التسميع) فى الحصة التالية وكانت الحصة التالية حصة تعذيب يشيب لهولها الولدان فقد كان الأستاذ جربوع يدخل إلى الفصل مندفعا دون أى مقدمه وعصاه مرفوعة لأقصى حد فوق رأسه ويصرخ فى أول طالب من اليمين (Break) وهنا يصرخ الطالب مثل العساكر الذين يؤدوون التحية العسكرية (Break Broke Broken) فإن لم يقلها صرخ الأستاذ جربوع Haaaands فيفتح الطالب ذراعيه ويناولة الأستاذ ضربتين مهولتين يتركان يديه قاعا صفصفا لاترى فيهما عوجا ولا أمتا .....

كان غالبية الطلبة يستعدون للحفلة (أقصد الحصة) ليس بالحفظ ولكن بفرك أيديهم بشده لتكون ساخنة إستعدادا للضرب لأنه من المستحيل ن يحفظوا كلمات لا يستطيعون قراءتها أصلا وكان لا ينجو من الضرب سوى 5 أو 6 طلاب فقط على أحسن تقدير فى صبيحة يوم لا ينسى دخل الأستاذ جربوع إلى الفصل وصرخ فى وجهى (Speak) فقلت بأقصى قوتى Speak ..Spoke..Spoken فتركنى وتوجه للطالب التالى فما أن وقف حتى إرتعد وكاد أن يغمى عليه فصرخ فيه الأستاذ لمعرفة ما به إيش فيك ؟ فصاح الطالب بأقصى قوته إيشفيك إشفوك إشفوكن إحمر وجه الأستاذ جربوع وصمت للحظة مذهلة وخيل إلى أنه سينفجر ولكنه ألقى بالعصا وإستدار خارجا من الفصل ولم أشاهده أبدا بعد ذلك اليوم

الجمعة، 9 أبريل 2010

المسحوق الأبيض

لورنس جاردنر هو أحد أهم الكتاب الذين تحولت نظرياتهم إلى مسلمات بالنسبة لكثير من الجماعات الروحية في الغرب، وقد أصدر العديد من الكتب التي لاقت رواجا كبيرا غير أنه لا يكاد يكون معروفا وهاهنا أقدم ترجمتي لبعض مقالاته التي تحتوي على نظريات مثيرة للجدل وهدفي ليس الترويج لتلك الأفكار ولكن فقط لإطلاع القارئ عليها.
النار النجمية : ذهب الآلهة:
لورنس جاردنر في حوالي سنوات الثمانينات من القرن التاسع عشر كانت المؤسسات الحاكمة للديانة المسيحية ترتعد فزعا من عبارة " عالم آثار". لذلك تم وضع الحفريات الآثارية تحت سيطرة صارمة، وكان تمويلها وإجرائها يتطلب موافقة سلطات جرى تعيينها حديثا حينها. أحدها كان صندوق استكشاف مصر الذي تأسس في بريطانيا سنة 1891 ومباشرة في الصفحة الأولى من عقد تأسيسيه ونظامه الأساسي مذكور أن هدف الصندوق هو دفع أعمال الحفريات الآثارية " لغرض توضيح أو تبيين نصوص التوراة".
باختصار فإن ذلك يعني أنه إذا تم العثور على شئ يمكن استخدامه في دعم تعاليم الكتاب المقدس فإننا نحن الجمهور سيتم إخطارنا به. وأي شئ لا يدعم تفسير الكنيسة للكتاب المقدس لم يكن مقررا له أن يرى النور في المجال الجماهيري. الآن سنلقي نظرة على أحد الإكتشافات الضخمة في تلك الفترة ـ إكتشاف لايعرف عنه السواد الأعظم من الناس شيئا سوى القليل. في الواقع ربما كان ذلك الإكتشاف هو أهم الاكتشافات على الإطلاق فيما يتعلق بالكتاب المقدس وله مترتبات صاعقة ذات مدى يتجاوز الاكتشاف نفسه بكثير، لأنه القصة الكاملة لطائر الفينيق وحجر النار. في سفر الخروج (أحد أسفار التوراة) هناك جبل توراتي متميز مذكور. أنه يقبع في السلسلة الممتدة في شبه جزيرة سيناء ـ تلك الكتلة الأرضية التي تشبه مثلثا قاعدته للأعلى والتي تقع فوق البحر الأحمر بين خليج السويس وخليج العقبة.
في التوراة سمي هذا الجبل أولا بجبل حوريب ثم سمي بجبل سيناء ثم سمي مرة أخرى حوريب في بقية مراحل القصة. القصة هي بالطبع خروج موسى وبني إسرائيل من مصر. ذلك هو الجبل الذي رأى موسى فوقه حسبما يروي سفر الخروج الشجيرة المشتعلة نارا، إنه الجبل الذي تكلم فيه مع يهوه وهو المكان الذي تلقى فيه موسى الوصايا العشر وألواح الشهادة. ما يجب أن ندركه عند هذه المرحلة هو أنه في زمن موسى (حوالي 1350 ق م) لم يكن هناك جبل اسمه جبل سيناء. لم يكن هناك جبل بذلك الإسم حتى في أيام يسوع ولابعدها بثلاثمائة سنة. يجب أن يقال أن التوراة المألوفة لدينا اليوم هي ترجمة من نصوص عبرية تم تجميعها قبل حوالي ألف سنه لذلك فهي أصغر سنا بقرون قليلة من الإنجيل المعترف به.
الجبل الذي يعرف الآن بجبل سيناء يقبع في جنوب شبه الجزيرة قرب نقطة قاع المثلث الذي قاعدته للأعلى. لقد أعطي ذلك الأسم من جانب جماعة إرسالية من الرهبان المسيحيين الإغريق بعد حوالي 1700 سنة من عهد موسى. إنه يعرف الآن في بعض الأحيان باسم جبل موسى ولا يزال يوجد به مكان اختلاء مسيحي صغير هو دير سانت كاتربن. لكن هل كان ذلك الجبل هو جبل سيناء الذي تسميه التوراة بجبل حوريب؟ حسنا، ما يتضح هو أنه ليس كذلك. يوضح سفر الخروج بعض التفاصيل ليشرح خط سير موسى وبني إسرائيل من أرض غوشن بدلتا النيل للأسفل عبر سيناء وعبر برية شور وباران حتى أرض مدين (التي هي إلى الشمال من الأردن الحالي).
من هذا المسار يصبح من السهل جدا تحديد موقع جبل حوريب. إنه يقع على مسافة ليست قصيرة شمال جبل موسى. إن كلمة حوريب ببساطة تعني الصحراء وجبل الصحراء العظيم الذي يرتفع لما يزيد عن 2600 قدم داخل هضبة حجرية عالية فوق سهل باران يعرف اليوم باسم "صرابيط" ـ أو إن شئنا الدقة ـ صرابيط الخادم (بروز الخادم) Serabit el-Khadim . وفي أواخر التسعينات من القرن التاسع عشر تقدم عالم المصريات البريطاني سير ويليام فليندرس بيتري الذي كان أستاذا بالكلية الجامعية بلندن بطلب لصندوق استكشاف مصر للقيام برحلة استكشافية لسيناء. وفي حوالي يناير 1904 كان هو وفريقه في سيناء، وفي مارس من ذلك العام وصلوا في رحلتهم لأعالي جبل صرابيط. في السنة اللاحقة نشر بيتري النتائج المفصلة لما وجده، لكنه أضاف لتقريره حقيقة أن هذه المعلومات سوف لن يتم جعلها متاحة رسميا للمشتركين في صندوق استكشاف مصر، حيث سيتلقون خرائط و بيانا عموميا فقط. إضافة لذلك أوضح بيتري أنه رغم كونه قد قاد فرقا ممولة لداخل مصر فإنه ومنذ رحلته تلك إلى سيناء تم إنهاء دعمه من جانب الصندوق. لماذا؟
هل أن ذلك بسبب كونه قد خرق أحكام عقد تأسيس الصندوق عن طريق كشفه عن شئ مخالف لتعاليم الكتاب المقدس؟ بالتأكيد هو قد فعل ذلك. في الواقع لقد اكتشف بيتري سر جبل موسى المقدس الأكبر ـ سر لا يفسر ما يصفه سفر الخروج فحسب بل أنه وبذلك التفسير قد نسف أساس تفسيرهم الشائع للكتاب المقدس. ما لا يوضحه الكتاب المقدس هو أن سيناء لم تكن أرضا أجنبية بالنسبة للمصريين. كانت في الواقع تعتبر جزءا من مصر وقد خضعت للسيطرة الفرعونية. لذلك فإن موسى وبني إسرائيل لم يكونوا قد خرجوا من مصر حالما أصبحو شرق دلتا النيل، لقد كانوا لايزالون في مصر وعليهم عبور كل شبه جزيرة سيناء قبل أن يدخلوا أرض كنعان الفلسطينية. في زمن موسى كانت سيناء تخضع لسيطرة إثنان من المسؤولين المصريين: أمين السر الملكي و الرسول الملكي.
كان ذلك عهد الأسرة الثامنة عشر المصرية ـ أسرة الفرعونين تحتمس وأمنحوتب إضافة لإخناتون وتوت عنخ آمون. كان الرسول الملكي في تلك الأيام هو نيبي، وهو مسؤول كان أيضا عمدة وقائد حامية زارو في منطقة غوشين بدلتا النيل التي عاش فيها بني إسرائيل قبل الخروج. وظيفة أمين السر الملكي كانت وراثية في عائلة باـ نيهاس الهيكسوسية، وكان باناهيسي التابع لهذه العائلة هو الحاكم الرسمي لسيناء. ونحن نعرفه بصورة أفضل من الكتاب المقدس الذي يسميه فينيهاس. لقد أصبح واحدا من الكهنة الأوائل في التركيب الهيكلي الموسوي الجديد لكنه قبل ذلك كان الكاهن الرئيس في معبد الفرعون إخناتون بالعمارنة. قبل أن نعود لسير ويليام فليندرس بيتري ولكي نفهم الدلالة الجذرية لاكتشافه من الواجب التمييز بين بني اسرائيل وبين العبرانيين في عهد موسى.
في ذلك الزمان لم يكونوا شيئا واحدا وهو ما يبدو أن تعاليم الكتاب المقدس تبينه.
العبرانيون هم عائلة ابراهيم و من يرجع نسبهم إليه وكان مسكنهم عموما هو أرض كنعان أو فلسطين. بني إسرائيل من ناحية أخرى كانوا عائلة أحد أحفاد إبراهيم وهو يعقوب الذي تغير اسمه ليصبح إسرائيل ومن ينتسبون إليه. كانت عائلة يعقوب وحدها هي التي رحلت إلى مصر وكان أحفادهم هم من رجعوا في النهاية مع موسى ليتحدوا بعد أجيال لا حصر لها مع أهلهم العبرانيين. الفرق بين المجموعتين هو أن بني إسرائيل ظلوا لوقت طويل خاضعين لقوانين وديانة مصر وما كانوا يعرفون سوى القليل عن عادات بني عمومتهم في أرض كنعان. عبر أكثر من 400 سنة كانوا في بيئة لها مجموعة من الآلهة. ورغم أنهم قد طوروا مفهوم إله واحد داخل جماعتهم فإن ذلك الإله لم يكن يهوه العبرانيين الكنعانين. كان إله بني إسرائيل كائنا لاوجه له كانو يسمونه ببساطة "الرب".
كان يسمى بلغة بني إسرائيل "أدون". هذا هو أحد أسباب أن "الرب" و " يهوه" كان دائما يتم تعريفهما منفصلين في النصوص المبكرة رغم أنهما قد وضعا تحت لفافة الإله الواحد في أزمان لاحقة ليناسب ذلك العقائد اليهودية والمسيحية الناشئة. بالنسبة للمصريين كان اسم ذلك الرب (أدون) شبيها جدا بذلك: كانوا يسمونه آتين.
ومنه يشتق اسم الفرعون اخناتين الذي يعني خادم آتين. لذلك فموسى وبني اسرائيل عندما خرجو إلى سيناء فقد وصلوها ليس كعابدين ليهوه بل كعابدين لآتين ولهذا السبب بالذات تم اعطائهم مجموعة كاملة جديدة من القوانين والمراسيم لتجعلهم في خط واحد مع الثقافة العبرية لوطنهم المتوقع الجديد. عندما غادر موسى وبني إسرائيل دلتا النيل فقد كان خط سيرهم البديهي إلى أرض كنعان (التي كانت مقصدهم النهائي) كان يجب أن يكون مباشرا عبرا برية شمال سيناء. إذن لماذا انحرفوا جنوبا عبر الجزء الأعلى الصعب ليقضوا بعض الوقت بجبل حوريب صرابيط؟ كان ذلك هو السؤال الذي حير بيتري وفريقه. إذن ما الذي وجدوه بالضبط على جبل التوراة المقدس؟
حسنا في البدء فهم لم يجدوا الكثير.لكن على سهل عريض قرب القمة كانت هناك علامات واضحة لسكن قديم وكان يمكن رؤية بعض الأعمدة والأحجار المنتصبة بارزة فوق سطح الأرض المغطى بالركام. ذلك الركام كان قد تراكم شيئا فشيئا بواسطة الريح والانزلاقات الأرضية عبر أكثر من ثلاثة آلاف سنة. لكن عندما تمت ازاحته بعيدا في النهاية فقد ظهرت حقيقة القصة التوراتية. كتب بيتري: "ليس هناك معلم أثري آخر كهذا لا يجعلنا نتحسر على أنه ليس في حالة حفظ أحسن حالا.
كان بأكمله مدفونا ولم يكن لأحد علم به إلى أن قمنا بإزالة الركام عن الموقع". ما وجدوه كان مبنى مركب لمعبد ضخم. داخل سور محيط كان هناك معبد خارجي مبني فوق امتداد يبلغ حوالي 70 مترا.
ذلك يمتد خارجا من معبد داخلي محفور في كهف ضخم في جانب الجبل. ومن الخرطوشات (العلامة الخاصة بكل فرعون) والمنحوتات والنقوش اتضح أن المعبد كان مستعملا منذ زمن بعيد يرجع لعهد الفرعون سنفرو الذي حكم في حوالي 2600 ق م والذي يعتبر خلفاءه المباشرين بناة أهرام الجيزة. كان الجزء الذي يعلو سطح الأرض من المعبد مبنيا من الحجر الرملي المستخرج من الجبل ويشتمل على سلسلة من القاعات المتجاورة و الهياكل و الساحات والمقصورات و الغرف. من ضمن هذه فإن فقد كانت الملامح الرئيسية التي أزيح عنها التراب هي الحرم الرئيسي وهيكل الملوك وبهو الأعمدة وقاعة الإلهة حتحور Hathor (التي كان المبنى بكامله بكامله مكرسا لها). وفي كل مكان حول ذلك كانت هناك أعمدة ومسلات للملوك المصريين عبر العصور وبعض الفراعنة مثل تحتمس الثالث (مؤسس حركة الصليب الوردي في مصر) كانوا مصورين عدة مرات على أحجار منتصبة وبنقوش جدارية بارزة. كان كهف حتحور الملاصق منحوتا في صخر طبيعي بجدران داخلية مسطحة تم تنعيمها بدقة.
في الوسط (منذ حوالي سنة 1880 ق م ) يقف العمود المنتصب الخاص بالفرعون أمينمحيت الثالث زوج ابنة عيصو. أيضا صور معه وزيره الرئيسي وحامل أختامه. وعميقا داخل الكهف وجد بيتري مسلة حجر جيري للفرعون رعمسيس الأول (الذي يعتبره علماء المصريات تقليديا الفرعون الذي عارض عقيدة آتين) يصف فيها نفسه للعجب على أنه " حاكم كل ما يحتضنه آتين".
كما وجد تمثال رأس من العمارنة لأم اخناتين الملكة تيي ملكة مصر بعلامتها الملكية على التاج. في الساحات والقاعات في المعبد الخارجي كان هناك العديد من الخزانات المستطيلة المنحوتة في الحجر والأحواض الدائرية اضافة لمناضد عمل غريبة الشكل بواجهات منثنية للداخل وأسطح مقسمة المستويات. كانت هناك أيضا مناضد دائرية وصحون وأطباق مع مزهريات وأوعية رخامية العديد منها مصنوع على شكل زهرة اللوتس.
إضافة لذلك حوت الغرف مجموعة جيدة من اللوحات المزججة والعلامات الملكية والجعارين والزينات المقدسة المصممة بحلزونات ومربعات وترية وسلال. كانت هناك عصي سحرية مصنوعة من مادة صلبة غير معروفة وفي بهو الأعمدة كان هناك حجران مخروطيان بارتفاع ستة وتسعة بوصات على التوالي. تحير المستكشفين بسبب هذه الإكتشافات، لكنهم ازدادوا حيرة عندما اكتشفوا بوتقة صهر معادن. منذ ذلك الحين وعلماء المصريات يتجادلون حول سبب وجود بوتقات صهر في معبد وفي نفس الوقت يتجادلون بسبب مادة غامضة تسمى مفكزت بدا أنها مرتبطة بالبوتقة والأحجار المخروطية والتي هي مذكورة عشرات المرات في نقوش الجدران والمسلات. اقترح البعض أن مفكزت هي النحاس وفضل العديدون التيركويز وافترض البعض أنها المالاكايت.
لكن كل تلك تخمينات لا سند لها ولم يكن هناك من أثر لأي من هذه المواد بالموقع. تشتهر سيناء بمناجم التيركويز لكن إذا كان استخراج التيركويز هو الوظيفة الأساسية لسادة المعبد طيلة كل تلك القرون فإن المرأ سيتوقع أن يتم العثور على أحجار التيركويز بكثرة في مقابر مصر القديمة. لكن ذلك لم يحدث. لم يتم العثور على شئ يذكر منها. سبب آخر للتعجب كان الإشارات العديدة المنقوشة لـ "الخبز"، مصحوبا بالرمز الهيروغليفي البارز الخاص بالضوء والتي وجدت منقوشة في هيكل الملوك. إلا أن الإكتشاف الذي سبب الحيرة الكبرى كان ازالة التراب من شئ معرف على أنه مفكزت الغامض الذي بدا أن رمزية الخبز مرتبطة به.
في إحدى حجرات التخزين كانت هناك كمية كبيرة من طبقة سمكها عدة بوصات من مسحوق أبيض ناصع خالي من الشوائب. في ذلك الزمان اقترح البعض بأن المسحوق يمكن أن يكون من بقايا عملية استخراج النحاس لكن سرعان ما عرف بأن استخراج النحاس لا ينتج عنه أي مسحوق أبيض بل يتخلف عنه خبث أسود كثيف. إضافة لذلك لم يكن هناك مصدر نحاس لعدة أميال في المنطقة المجاورة للمعبد وعلى كل حال فإن عمليات استخراج النحاس القديمة كانت ظاهرة في الأودية البعيدة.
وخمن البعض بأن المسحوق هو رماد ناتج من احراق النباتات للحصول على مادة قلوية لكن لم يتم العثور على أي آثار بقايا نباتات. بسبب عدم وجود أي تفسير آخر فقد تم الاستنتاج بأن المسحوق الأبيض والأحجار المخروطية ربما كانت مرتبطة بنوع من طقوس التضحية لكن مرة أخرى تم بيان أن ذلك هو معبد مصري وأن تقديم القرابين الحيوانية لم يكن من ضمن الشعائر المصرية. إضافة لذلك لم تكن هناك أي عظام أو أي مادة مختلفة داخل الـ "مفكتز" والتي ظهرت لكل العالم على أنها كمية من مسحوق التالك TALCUM المقدس.
وتم أخذ كمية من المادة الغامضة إلى بريطانيا للفحص ولكن لم يتم نشر أي نتائج. البقية (التي تركت مكشوفة لعوامل الطبيعة بعد 3000 سنة) فقد تركت لتكون ضحية لرياح الصحراء. لكن على كل حال فما أصبح واضحا هو أن ذلك المسحوق يشبه ظاهريا ما كان يعرفه أهل بلاد مابين النهرين القدماء على أنه حجر النار أو شيم آن نا ـ المادة التي كانت تصنع في شكل كعك خبز وتستعمل في تغذية الأجسام النورانية الخاصة بالملوك البابليين وفراعنة مصر. ذلك بالطبع يفسر نقوش المعبد التي تشير لأهمية الخبز والنور، وذلك المسحوق الأبيض ( شيم آن نا) يتطابق مع المن الذي وضعه هارون في تابوت العهد. في مصر كان الكعك المصنوع من هذا المسحوق يسمى بطعام الـ شيفا SCHEFFA في حين سماه بني إسرائيل بالخبز المقدس shewbread.
ويخبرنا سفر الخروج بأن كبير الصناع الذي صنع خبز الـ مقدس لموسى في سيناء كان هو بيزاليل ابن أوري بن هور.
لكن بيزاليل لم يكن خبازا بل كان صائغا معروفا فهو الرجل نفسه الذي صنع الزينات الذهبية للمعبد المتنقل وتابوت العهد. ذلك يتفق تماما مع وظيفة كبار الصناع الكهنوتيين في بلاد ما بين النهرين.
كانوا كبار الحدادين و علماء المعادن الخاصين بتوبال كاين الذين كانوا يصنعون الشيم آن نا من الذهب الخالص. بالنسبة للبوتقة والأحجار المخروطية والمجموعة الكبيرة من الخزانات والمناضد والمعدات التي جعلت معبد سيناء يبدو كمعمل ضخم أكثر من كونه مكان تعبد، فما يتضح هو أنها بالفعل بوتقة صهر معادن ولاشئ غير ذلك. ما وجده بيتري فعليا كان ورشة الكيمياء السحرية الخاصة باخناتين والثمانية عشر أسرة فرعونية التي سبقته في حكم مصر ـ معبد ومعمل كان فرن التعدين يزأر فيه وينفث الدخان لانتاج حجر النار المقدس الشيم آن نا سريع الدوران. فجأة يصبح لكلمات سفر الخروج معنى ونحن نعيد قراءتها بفهم جديد تماما:ـ "جبل سيناء كان مغطىبالدخان لأن الرب نزل علية في نار تصاعد دخانها كدخان فرن واهتز الجبل بأكمله بشدة".
نقرأ في سفر الخروج أن موسى أخذ العجل الذهبي الذي صنعه بني إسرائيل وأحرقه بالنار وسحقه ليصبح مسحوقا أبيض اللون. تلك هي بالضبط العملية التي تحدث في فرن الشيم آن نا، ومن الواضح أن كهنة حتحور المصريين ظلوا مشعلين لنار انتاجه لأجيال عديدة قبل أن يدخل كهنة آتين في الأمر في زمن موسى. في الواقع كان الفرعون تحتمس الثالث هو الذي أعاد تنظيم مدارس الأسرار القديمة الخاصة بتحوت وأنشأ المدرسة الملكية لكبار الصناع بالكرنك. كانوا يعرفون باسم " جماعة الأخوة البيضاء العظمى" بسبب انشغالهم بالمسحوق الأبيض الغامض. وأصبح أحد فروع هذه الجماعة متخصصا في الطب والشفاء وأصبحوا يعرفون في أزمان بعيدة لاحقة بالمعالجين المصريين وقد مدوا نشاطهم حتى فلسطين خاصة في مستوطنة قمران في يهوذا حيث ازدهروا وأصبحوا طائفة الأساسيين Essenes. لكن ما الذي كان يميز الإلهة حتحور؟ لماذا كانت هي إلهة كهنة سيناء؟
حتحور كانت كبرى إلاهات التمريض وكإبنة لرع قيل أنها أنجبت الشمس. كانت في الأصل تعرف بأنها "ملكة الغرب" وسيدة العالم السفلي الذي قيل أنها تأخذ إليه أولئك الذين يعرفون التعاويذ الصحيحة. كانت حامية الأنوثة المبجلة، سيدة شجرة التين وإلهة الحب والأضرحة والأغاني. وكان يقال أن الفراعنة يستمدون قدسيتهم من شرب لبن حتحور ليصبحوا هم أنفسهم آلهة.
في أحد الألواح الصخرية قرب مدخل كهف جبل صرابيط نقش يمثل تحتمس الرابع في حضرة حتحور. وأمامه قائمان لتقديم القرابين مكللان بزهور اللوتس وخلفه رجل يحمل كعكة مخروطية من الخبز الأبيض. ونقش آخر يمثل البناء أنخيب مقدما كعكتين من خبز شيم آن نا للملك، وهناك رسومات مشابهة في أماكن أخرى في مجمع المعبد. ربما كان أشدها دلالة يمثل حتحور وأمنحوتب الثالث. الإلهة تحمل عقدا في إحدى يديها في حين تمد للفرعون الرمز الخاص بالحياة والملك بيدها الأخرى.
خلفها الخازن سوبيخوتيب ممسكا باستعداد كعكة خبز أبيض مخروطية. وسوبيخوتيب موصوف بأنه " المشرف على أسرار بيت الذهب الذي أحضر الحجر النبيل الثمين لصاحب الجلالة". لقد ذكرت سابقا أنه عند خروجهم من مصر إلى سيناء في طريقهم لأرض كنعان فقد كان متوقعا أن يتم تعريف بني إسرائيل بقوانين ومراسيم وطنهم الجديد. إلا أنه رغم أن ذلك كان جزءا من الحالة فإن الموقف كان معكوسا بدرجة كبيرة فيما يخص الناحية الدينية حيث كانت العادات المصرية يتم تعريف العبرانيين بها. كان يهوه قد أعلن عن حضوره لأول مرة على جبل سيناء.
ولكونه كان من مؤيدي آتين فقد سأل موسى هذا الرب والسيد الجديد من هو وكانت الإجابه " أنا أكون أنا" والتي أصبحت في اللغة العبرية المنطوقة يهوه. لكن ولزمن طويل بعد ذلك كان بني إسرائيل ممنوعين من نطق إسم يهوه باستثناء الكاهن الأعلى الذي كان مسموحا له الهمس بالإسم مرة واحدة في السنة وهو في خلوة. كانت المشكلة أن الصلوات يفترض أنها يجب أن تقال لهذا الإله الرئيس الجديد لكن كيف يعلم هو أن الصلوات موجهة له إن كان اسمه لايذكر؟ كان بني إسرائيل يعرفون أن يهوه لم يكن مماثلا لآتين (أدونهم التقليدي أو الرب) لذلك فقد افترضوا أنه مكافئ لإله الدولة العظيم في مصر حتى لو لم يكن هو نفسه. لذلك فقد لإضافة اسم إله الدولة لجميع الصلوات بعد ذلك، وإسم ذلك الإله كان آمين. حتى يومنا هذا لا زال اسم آمين يتلى في نهاية الصلوات.
حتى صلاة الرب المسيحية المشهورة (حسبما تظهر في إنجيل ماثيو) منقولة من أصل مصري يبدأ بآمين، أمين الذي في السماوات..." أما فيما يخص الوصايا العشر (التي قيل أنها أعطيت لموسى من قبل الله على الجبل) فهي أيضا من أصل مصري وهي مشتقة مباشرة من التعويذة رقم 125 من كتاب الموتى المصري.
لم تكن شرائع سلوكية جديدة ابتدعها بني اسرائيل بل كان ببساطة تعبيرات جديدة عن الاعترافات الشاعئرية للفراعنة. مثلا الاعتراف " أنا لم أقتل" تم ترجمته ليكون الوصية " يجب ألا تقتل"، " أنا لم أسرق" أصبحت" يجب ألا تسرق"، " أنا لم أكذب" أصبحت " لا تشهد شهادة الزور" وهكذا دواليك. لم تكن الوصايا العشر فحسب مستمدة من الطقوص المصرية بل حتى المزامير تم إعادة صياغتها من الأناشيد الدينية المصرية (رغم أنها منسوبة إلى الملك داؤود).
حتى سفر الأمثال بالعهد القديم المعروف على أنه "كلمات سليمان الحكيمة" مترجم حرفيا تقريبا للعبرية من كتابات حكيم مصري اسمه امينيموبي.
هذه موجودة حاليا بالمتحف البريطاني ويمكن إرجاع سفر الأمثال آية آية لهذا الأصل المصري. حاليا اكتشف أنه حتى كتابات أمينيموبي مستخلصة من عمل أقدميعرف بحكمةبتاح حوتب يرجع لأكثر من 2000 قبل عصر سليمان. إضافة لكتاب الموتى وحكمة بتاح حوتب العتيقة استخدمت نصوص مصرية أخرى متنوعة في تأليف لاتوراة. هذه تتضمن نصوص الهرم ونصوص الكفن التي تم فيها ببساطة تحويل الأشارات للآلهة المصرين إلى إشارات للإله العبري يهوه. في كتابي سلالة الكأس المقدسة Bloodline of The Holy Grail أوضحت مسألة أن طراز المسيحية الحديث الذي تطور من الكنيسة الرومانية في القرن الرابع الميلادي كان في الواقع هجينا مختلقا ـ دين مبني على أفكار مأخوذة من ديانات أخرى عديدة بما فيها بالطبع اليهودية. الآن يتضح أن اليهودية نفسها لم تقل تهجينا في أيمها الأولى حيث أصبحت مركبة من التراث المصري والكنعاني وتراث بلاد ما بين النهرين، بقصص وأغني دينية وصلوات وطقوس آلهة متنوعة مختلفة تم جمعها معا وربطها بمفهوم الإله الواحد المبتدع حديثا.
ما يثير الاهتمام على وجه الخصوص أنه من الناحية التاريخية فإن تلك العملية لم يتم تخليقها تماما في عهد إبراهيم ولا حتى في عهد موسى المتأخر عنه. إنها لم تكتمل حتى القرن السادس قبل الميلاد حين تم أسر عشرات الآلاف من بني إسرائيل من جانب الملك نبوخذ نصر ملك بابل. حتى ذلك الحين كانت السجلات العبرانية وسجلات بني إسرائيل تشير لأي عدد من الآلهة أو الإلهات بأسمائهم الفردية، وتحت تصنيف جماعي الـ "ايلوهيم" (وتعني الآلهة بالعبرية ـ المترجم). عبر 500 سنة بعد الأسر فقد كان الكتاب المقدس يوجد فقط على هيئة سلسة من الكتابات المنفصلة تماما ولم يتم تجميعها في مجلد واحد إلا بعد عهد يسوع. يسوع نفسه لم يسمع أبدا مصطلح العهد القديم أو الكتاب المقدس لكن الكتابات المقدسة التي كانت متاحة له تضمنت العديد من الأسفار التي لم يتم اختيارها لتصبح جزءا من التجميع المعروف لدينا اليوم.
الغريب أن بعض هذه الأسفار لا زالت مذكورة في نص الكتاب المقدس الحديث على أساس أنها كانت مهمة بالنسبة للثقافة الأولى. هذه الأسفار تتضمن سفر الرب وسفر حروب يهوه وسفر جاشر. لم لم يتم ضمها؟
السبب هو ببساطة أن محتواها لم يناسب دين يهوه الجديد الذي كان يتم تخليقه. على سبيل المثال فإن جاشر هو الإبن المولود في مصر لكالب صهر أول قضاة إسرائيل أوثنيل و حامل العصا الملكي المعين الخاص بموسى. يعتقد عموما أن موقع سفر جاشر في التوارة هو بين سفر التثنية وسفر يشوع لكنه استبعد من جانب محرري التوراة لأنه يلقي ضوءا مختلفا تماما على سلسلة الأحداث التي جرت في جبل حوريب بسيناء.
رواية سفر الخروج الشائعة تشرح أن يهوه أصدر تعليماته لموسى بخصوص السادة والخدم وحب الاستحواز و سلوك الجيرة والجريمة والزواج والأخلاق وأمور أخرى بما فيها قاعدة الالتزام بعدم العمل يوم السبت، إضافة للوصايا العشر. لكن في سفر جاشر (الذي هو سابق لكتابات سفر الخروج) فإن هذه القوانين والأحكام لم تلق إلى موسى من جانب يهوه. في الواقع فإن يهوه غير مذكور فيه إطلاقا. يقول سفر جاشر بأن القوانين الجديدة لقنها لموسى وبني إسرائيل شعيب كبير كهنة مدين وسيد الجبل. بمعنى أن شعيب كان الحاكم العام لمعبد سيناء. باللغة العبرية فإن اللقب سيد (أو السامي) الجبل ترجم على أساس أنه "إيل شداي" وهذا أمر ذو دلالة لأن ذلك بالضبط هو الإسم الذي قيل لموسى عندما سأل الرب أن يكشف عن هويته. قال الرب " أنا أكون أنا" أنا هو ذلك الذي كان إبراهيم يسميه " إيل شداي". " أنا أكون أنا" تبدلت في النهاية لتصبح الإسم يهوه، ولكن حسبما ورد في سفر جاشر(ويؤكده سفر الخروج إذا تمت قراءته بصورة صحيحة) فإن ذلك الرب لم يكن إلها معبودا وإنما كان شعيب ـ إيل شداي، الحداد العظيم وكبير الصناع بمعبد حتحور. وبوضع ما تم تلقيننا له عن خصائص بعض نصوص الكتاب المقدس جانبا أعتقد أنه من العدل أن أقول أنه ليس هناك الكثير منا ممن يدرس الأسفار بنفسه. نتيجة لهذا فإن الصور التي نتخيلها هي ما تلقناه من الكتب المصورة والأفلام.
هوليوود على سبيل المثال أثارت فخرنا بتصويرها لموسى على الجبل والرب يفجر نحتا كلمات الوصايا العشر على شريحتين ضخمتين لا يكاد يمكن حملهما من حجر الجرانيت. لكن في سفر الخروج لا يوجد مثل هذا التصوير حيث يقول بأن الوصايا تمت كتابتها من جانب موسى نفسه (بإملاء من الرب) بعد أن كسر الألواح الأولى التي سبق أن اعطيها. أما القسم الآخر من رزمة سيناء وهو ألواح الشهادة فإن تعاليم القبالة والمدراش تقول بأنها كانت محفوظة داخل حجر كريم مقدس وضعه موسى" في كفه".
ذلك هو نفس الحجر المقدس الذي قيل أن الملك سليمان ورثه. في نصوص مصر المبكرة كان يسمى بلوح هرمس، والذي حوى حكمة تحوت. وفقا لسجلات بلاط التنين الملكي القديم (الذي أسسته الملكة سوبيكنيفرو سنة 1785 ق م) فإن أحد حراس اللوح الأوائل كان كيم كبير كهنة منديس. كلمة كيم (أو خيم) تعني السواد ومن هذا الجذر اشتقت كلمة الكيمياء ـ علم اشتقاق النور من الظلام. بالنسبة لنا فإن خيم معروف بصورة أفضل على أنه حام المذكور في التوراة، جد نمرود والذي لعن العبرانيون عائلته لأن تراثه التاريخي كان يتضارب مع الثقافة المبنية على يهوه.
قراء الروايات الغوطية وكتب السحر سيتعرفون بالطيع على اسم خيم منديس. كثيرا ما يرمز له بتيس وهو بالضيط شعار حام في مصر القديمة. الفرق الوحيد هو أنه في التعاليم المسيحية اللاحقة أصبح التيس رمزا للشيطان. ما نكتشفه الآن هو أنه بتتبع حكاية خيم منديس فإنها تقودنا مباشرة لمعبد سيناء ومسحوق الذهب الأبيض. منديس كانت مدينة رئيسية في دلتا النيل وكان خيم هو رئيس المعبد المحدد الخاص بعصر برج الجدي العاشر. بسبب برج الجدي هذا أصبح شعاره هو التيس الذي يرمز له عموما بنجمة خماسية مقلوبة لها نقطتا قمة هما قرنا تيس منديس. جانبا النجمة المنحدران يمثلان الأذنين ونقطة القاعدة المفردة تمثل اللحية.
عندما يتم النظر للنجمة الخماسية وهي مقلوبة بهذه الكيفية فإنها تعتبر رمزا ذكريا في حين أن النجمة الخماسية غير المقلوبة هي أداة أنثوية ( رمز خاص بكوكب الزهرة) وفي تلك الحالة فلها نقطة قمة واحدة. في وضعية النجمة الخماسية الذكرية فإن خيم يعرف شخصيا بواسطة طقم من الزمرد موضوع مركزيا في نقطة التقاء القرنين. عند قلب الوضع تصبح النجمة الخماسية أنثوية حيث تصبح نقطة القمة الفردية هي رأس الإلهة. في هذا الوضع تكون النقاط الجانبية هي الأذرع في حين تصبح النقطتان التوأمان سيقان الإلهة في حين تصبح جوهرة كوكب الزهرة الزمردية في وضع مهبل. في بعض الأحيان تصور نجمة خيم الخماسية المقلوبة بلهيب متصاعد من الجوهرة المقدسة بين القرنين. هذا اللهيب يوصف تقليديا بأنه ضوء نجمي، لكن عند قلب النجمة لتصبح في وضعية كوكب الزهرة فإن لهب الرحم يعرف على أنه لهب النجمة، الخلاصة القمرية للإلهة. منذ أقدم العصور وسواء كانت تمثل الضوء النجمي أو نار النجمة كانت النجمة الخماسية تدل على التنوير الفكري. وقد ربطت بتقاليد يوم السبت السابقة للديانة اليهوديةـ فترة شعائرية للتأمل والحصول على خبرة خارج تعب العمل العمومي. لهذا السبب كان خيم منديس يسمى " تيس السبت" والذي اشتق منه استعمال كلمة "سبتي Sabbatical" في الدوائر الأكاديمية.
بالنظر لهذا التراث القديم قدم التاريخ لا يثير الدهشة كون النجمة الخماسية والتيس السبتي أصبحا مرتبطين بالمسيحيين الذين لايتبعون المسيحية التقليدية (مثل جماعة الكاثارس في لانجويدوك) منذ العصور الوسطى. في المقابل فإن الكنيسة المسيحية التقليدية سعت لقمع حكمة مدارس الأسرار القديمة عن طريق خلق دين مهجن مبني علىالخلاص من شئ غير معروف ـ خلاص يمكن تحقيقه فقط عن طريق خضوع الناس لسلطة الأساقفة. كنتيجة لذلك فإن فإن تعاليم حركة الغنوصيين المبنية على الروحانية (التي سعت لإكتشاف المجهول) اعتبرت كفرا من جانب محاكم التفتيش واعتبرت النجمة الخماسية والتيس رمزا للسحر الأسود و الشعوذة. منذ ذلك الحين (وحتى الآن في بعض الدوائر) فإن الإنجاز الفردي والتعلم الذي لا يتفق مع آراء الأساقفة اعتبر هرطقة.
وأصبحت الحكمة التي يتوصل إليها الإنسان بنفسه شيئا مخيفا بحيث تم وصم التيس بأنه رمز الشيطان نفسه. يبدو ذلك جليا في أكداس الروايات الدعائية التافهة (التي كتبها دنيس ويلتي وآخرون) حيث تكثر الصلبان crucifixes والماء المقدس على أساس أنها أسلحة تستخدم ضد وكيل الشيطان المزعوم. حام (أو خيم) مذكور في التوراة أنه ابن نوح ولكنه في السجلات الأقدم معرف (وكذلك يافث) على أنه ابن حداد وصائغ عظيم هو توبال كاين الذي يعرفه المؤرخين جيدا على أنه الملك ميسكالام ـ دوغ بطل الأرض الطيبة. في تراث فلسطين القديم فإن خيم كان مرتبطا بعزازيل برج الجدي الذي (وفقا لسفر إدريس) عرف الناس بـ" جميع المعادن وفن تشكيلها واستخدام الأنتيمون". الأنتيمون هو العنصر الأسود الذي يعرف أيضا باسم ستيبيوم. وهو مكون أساسي في العملية الخيميائية التحضيرية لانتاج حجر الفلاسفة.
في العالم العربي القديم كان الأنتيمون يعرف بالكحل ـ الزئبق الفلسفي عالي النقاء المحضر من روح النبيذ المعدلة بالأنتيمون. عزازيل برج الجدي في الواقع مذكور في التوراة لكن ليس في ترجمتها الإنجليزية المعترف بها. في سفر اللاويين اللاتيني Vulgate هناك إشارة مبكرة لعادة التكفير عن الذنوب حيث يقول السفر بأن هارون سيقترع تيسين " أحدهما للرب والآخر لعزازيل". التيس الذي تجعله القرعة في جانب الرب يتم ذبحه كقربان تكفير عن الخطايا أما الآخر فيطلق في البرية ككفارة. الترجمة الإنجليزية المألوفة بدرجة أكبر تثير الحيرة بعض الشئ لأن كلمة عزازيل تم ابدالها بكلمة "تيس الهروب" scapegoat. سبب التبديل هو ببساطة أن النص الأصلي صرح بوضوح أن قرابين العبرانيين كانت تقدم لكلا من يهوه وخيم ـ عزازيل ، في حين أن سفر إدريس (الذي لم يتم ضمه للتوراة المعترف بها) يلفت انتباه القارئ للصلة المباشرة بين عزازيل والخيمياء الهرمسية. في تراث مدارس أسرار جماعة الصليب الوردي فإن كتابات خيم (باللاتينية تابولا سامارقدينا هرمتيس) مسجلة على أنها "هي أقدم دلائل الكلدانيين فيما يخص حجر الفلاسفة). حيث أنها كانت مربوطة بحكمة تحوت (أو هرمس) فإنها كانت تعرف كتعاليم هرمسية، وكانت تربط مباشرة بخيمياء النار الخاصة ببناء الأهرام.
إسم هرمس نفسه مشتق من كلمة هرما التي تعني كوم أحجار والهرم الأكبر كان يسمى "حرم تحوت". كلمة بير Pyr التي اشتق منها كلمة بيرو pyro و pyre و هرم pyramid في الواقع تعني نار ـ وقد سميت الأهرامات بذلك لأنها "ولدتها النار". يقود هذا إلى أحد الأسئلة الكبرى التي لا إجابة لها: كيف تم بناء الأهرام؟ هل تم رفع الآلاف من الكتل الضخمة من قبل مئات ألوف العبيد الذين لم يستعملوا شيئا سوى الحبال والمنحدرات طيلة مدة غير معروفة من الزمن مثلما يقول به التخمين الشائع؟ بالتأكيد كلا.
لبناء مستوى منحدر يصل لقمة الهرم الأكبر بميل يبلغ 1: 10 كان سيتطلب منحدرا طوله 4800 قدم (حوالي 1463 متر) وحجمه يساوي ثلاثة أضعاف حجم الهرم نفسه. كما سبق وأن رأينا فإن مسحوق حجر النار السامي هو موصل كهرباء فائق أحادي الذرات. إنها مادة غريبة قوة جاذبيتها أقل من صفر. التجارب الحديثة على مسحوق الذهب الأبيض المدهش هذا أثبتت أنه تحت ظروف معينة فإن وزنها يقل ليصبح أقل من لاشئ ويمكن جعلها تختفي في بعد مجهول.
أما أشد خصائصها إثارة للاهتمام أنها تركب فوق مجال الأرض المغناطيسي بحيث أنها عندما تكون في حالة جذب قدره صفر فإنها قادرة على نقل خاصية إنعدام الوزن للجسم الذي يحملها وبذلك يسهل رفعه. هذا الجسم يمكن أن يكون صحن في المختبر أو وعاء أو منضدة ـ أو بنفس السهولة يمكن أن يكون كتلة حجرية ضخمة ! يحكي التراث القديم أنه في المستودع السري بغرفة الملك داخل مبنى الهرم الأكبر تم وضع "أدوات حديدية وأذرع لا تصدأ وزجاج يمكن حنيه ولاينكسر وتعاويذ غريبة". لكن ماذا وجد المستكشفين الأوائل عندما شقوا نفقا لداخل الغرفة محكمة الإغلاق؟
كان كل الأثاث الذي وجدوه بها صندوق حجري مجوف بلا غطاء ولا يحتوي على جثة بل مادة مسحوق أبيض غامضة. وقد أدعي إدعاء أجوف بأن تلك المادة هي حبيبات الفلسبار والمايكا وكلاخهما من معادن مجموعة الألومنيوم والسليكا. خلال أبحاث مسحوق الذهب الأبيض مؤخرا فقد وجد أن الألومنيوم والسيليكا هما من المعادن التي تظهر دائما عند التحليل الكيميائي بالطرق التقليدية لعينة حبيبية معروف أنها تتكون من مائة في المائة من مركب خاص بمجموعة البلاتين. يتم الكشف العياري المختبري عن طريق إشعال قوس تيار كهربائي مباشر لمدة 15 ثانية عند درجة حرارة سطح الشمس البالغة 5500 درجة مئوية. لكن بالنسبة لمسحوق الذهب الأبيض فإن إطالة زمن القوس لمدة أطول من مدة طريقة الاختبار العادية أظهر معادن مجموعة البلاتين النبيلة التي تتكون منها المادة حقا. بسبب القصور الموجود في طرق الاختبار التقليدية فإن 5 في المائة من وزن دماغنا الجاف يقال أنه كربون في حين ان الاختبار الأكثر دقة يكشف أنها معادن مجموعة البلاتين الايريديوم والروديوم في حالة دوران مغزلي إلكتروني عالي. حجرة الملك في الحقيقة صممت لتكون ذات توصيلية كهربائية فائقة قادرة على نقل الفرعون إلى بعد آخر في الفضاء الزماني المكاني. وهنا كان يتم إقامة شعيرة عبور الفرعون حسب كتاب الموتى المصري.
مفتاح شعيرة العبور هذا معرف بنقش مخروطي واحد قرب مدخل الحجرة. هذا الرمز الهيروغليفي ـ النقش الهيروغليفي الوحيد القابل للتحقق منه في كل هضبة الجيزة وهو نفسه الذي ظهر عدة مرات في معبد جبل سيناء وهو يقرأ ببساطة شديدة : "خبز". في محتوى هذا الحديث فقد عبرنا خارج حدود التوراة لنشهد العملية الخيميائية العلمية التي سهلت تكوين ملوك الكأس المقدسة. هذه السلالة الوارثة للملك بصورة متعاقبة من قابيل عبر مصر حتى الملك داؤود ومنه إلى يسوع تم استيلادها عمدا ليكونوا مزودي الأرض بالنور. كانوا أبناء الآلهة حقا الذين تم تغذيتهم في البدء مباشرة بالنار النجمية الأنوناكية قبل حوالي 3800 ق م وبعد ذلك ببدائل معدنية ذات دوران الكتروني مغزلي عالي high spin منذ حوالي سنة 2000 ق م.
باختصار فانهم استولدوا ليكونوا قادة للجنس البشري وكان يتم الحفاظ عليهم في حالة عقلية وجسدية سامية: البعد النهائي للـ 44% المفقودة ـ بعد مدار النور ـ مستوى شارون. لم يتم الكشف عن مخازن السجلات المصرية وسجلات بلاد ما بين النهرين وسوريا وأرض كنعان من تحت رمال الصحراء إلا خلال الـ 150 عاما الأخيرة وبصورة أكثر تحديدا خلال الـ 80 عاما الأخيرة. الدليل الوثائقي المباشر السابق لعهد التوراة ظهر الآن على الأحجار والفخار والجلود والبردي، وهذه المستندات التي تبلغ عشرات الآلاف شاهدة على قصة أشد إثارة بكثير مما حكي لنا.
لو كانت هذه السجلات متاحة عبر الأجيال فإن مفهوم كون تمتع جنس معين من البشر بوحي إلهي مفرد ما كان سينشأ، واقتصار يهوه ـ الذي أعمانا لأطول وقت، وجعلنا في وضع شبه حربي ضد أتباع الديانات الأخرى الذين يتبعون تراثهم الخاص بهم ـ ما كان سيرسخ بهذه الطريقة المتكبرة. شيئا فشيئا بينما تتم اكتشافات جديدة فإنه يتضح أننا الآن نخرج من ظلام مفاهيمنا المسبقة التي لا أساس لها. رغم ذلك فإن التلقين من جانب الكنيسة عبر القرون يجعل من الصعب التخلي عن التعاليم الحصرية للتراث المتولد المحرف وذلك لصالح تنوير أعظم من جانب من كانوا حاضرين حقا في ذلك الزمان.
إن ما يبعث الأمل هو أن منحنى التعلم لم ينته بعد. مثلما أن الحقل الجليدي glacier هو استمرار لنشاط بعمر التاريخ فكذلك هي الحكمة القديمة التي تصل إلينا الآن شيئا فشيئا، بحيث يكون كل وجه من أوجه التعلم جاهزا ليتم وضعه فوق المعرفة السابقة. من حسن الحظ فإن فجر الوعي قد انبلج ومضى زمن على انبلاجه ،وفي حين أنه لا يزال البعض يختار النظر للوراء لما هو خلف حجابه، فإن العديدين سيخطون بقوة إلى الألفية الجديدة ليشهدوا شروقا ساطعا جديدا ـ كشف عن احتمالية غير محدودة واسترجاع لموروثنا العالمي الحقيقي.
انتهى ما اقتطفته من هذه الدراسة وهو الجزء الثالث منها، وقد وردت فيه إشارة لمادة مسحوق الذهب الأبيض. هذه المادة العجيبة اكتشفت في أواخر التسعينات من القرن الماضي وسبب اكتشافها يعود لمزارع أمريكي يدعى ديفيد هيدسون أراد أن يزيد من دخله عن طريق وضع وحدة لاستخلاص الذهب من التراب في حقله الذي كان قد لاحظ وجود تبر الذهب في تربته. لكن آلة استخراج الذهب كانت تخرج الذهب ممزوجا بمسحوق أبيض وفكر هيدسون أنه إذا استطاع التخلص من هذا المسحوق فسيزيد انتاجه من الذهب وهكذا قرر أن يقوم بتحليل كيميائي لمعرفة ما هي تلك المادة فبعث بعينات منها لعدة مختبرات وكانت دهشته الشديدة أن نتيجة التحليل أتت مختلفة وحين طلب من المختبرات إعادة التحليل فوجئ بأن مختبر كيمياء تحليلية مرموق يؤكد له بأنهم غير قادرين على تحديد ما هي تلك المادة! اضطر هيدسون لاستئجار بروفيسور في علم الكيمياء وتفريغه ليحدد ما هي تلك المادة وقضى البروفيسور عدة أشهر وهو عاجز عن التحليل إلى أن ظهرت تقنية جديدة للتحليل باستخدام القوس الكهربائي اكتشفها الروس وتسربت بعد سقوط الاتحاد السوفيتي السابق وعند تحليل المادة بها اتضح أنها ذهب!!
في النهاية اتضح وجود حالة أخرى للمادة لم تكن معروفة سابقاتكون فيها الكترونات الذرات في وضعية مختلفة عما هو مألوف وبالنسبة للذهب فهي تؤدي لظهور ذهب أحادي الذرة mono-atomic .
وهو يكون في هيئة مسحوق أبيض يمكن صهره ليتحول لزجاج شفاف. ولاحقا تم اكتشاف كيفية تحويل الذهب العادي لمسحوق أبيض كما تم اكتشاف كيفية إرجاع المسحوق الأبيض ليكون ذهبا. كما وجد أن فلزات مجموعة الذهب وهي البلاتين والروديوم الخ.. أيضا تخضع لنفس العملية وتتحول لمسحوق أبيض. وقد ذكر لورنس غاردنر بعض الخواص الغريبة لهذه المادة والحديث عن كل ما يتعلق بها لا تتسع له هذه العجالة لكن ديفيد هيدسون سرعان ما انتبه إلى أن هذه المادة لها نفس أوصاف حجر الفلاسفة الذي تكلم عنه الخيميائيون القدماء وأنهاغالبا نفس المادة المستعمله في شعيرة عبور الفرعون وعندما قام شخص بتجربة استعمالها مع الصيام حسب الشعيرة المصرية اكتسب قدرات خارقة مثل القدرة على قراءة الأفكار وإرسالها ورؤية الكائنات الأثيرية. وقد قيل أنها بسسب خواصها التوصيلية الكهربائية الفائقة تزيد من كفاءة الدماغ البشري بعشرة آلاف مرة. غير أنه لا سبيل للتحقق من كل هذه الإدعاءات غير أن المادة وجدت لها سوقابين الباحثين عن الوصول لحالات الكشف الروحاني والباحثين عن الشباب الدائم!!!!